" قد بورك للخادم في الطاعة التي لبس الأولياء شعارها، وأمضى في الأعداء شفارها، وجمع عليها الدين وكان أديانا، واستقامت بها القلوب على صبغة التكلف وكانت ألوانا ".
ومن كتاب آخر:
" لم يكن سبب خروج المملوك من بيته إلا وعد كان انعقد بينه وبين نور الدين - رحمه الله - في أن يتجاذبا طرفى الغزاة من مصر والشام، المملوك بعسكرى بره وبحره، ونور الدين من جانب سهل الشام ووعره، فلما قضى الله بالمحتوم على أحدهما، وحدثت بعد الأمور أمور اشتهرت للمسلمين عورات، وضاعت ثغور، وتحكمت الآراء الفاسدة، وفورقت المحاج القاصدة، وصارت الباطنية بطانة من دون المؤمنين، والكفار محمولة إليها جزى المسلمين، والأمراء الذين كانوا للإسلام قواعد، وكانت سيوفهم للنصر موارد، يشكون ضيق حلقات الأسار، وتطرق الكفار بالبناء في الحدود الإسلامية، ولا خفاء أن الفرنج بعد حلولنا بهذه الخطة قاموا وقعدوا، واستنجدوا علينا أنصار النصرانية في الأقطار وسيروا الصليب ومن كسى مذابحهم بقمامة وهددوا طاغية كفرهم بأشراط القيامة، وأنفذوا البطارقة والقسيسين برسائل وصور من يصورونه ممن يسمونهم القديسين، وقالوا إن الغفلة إن وقعت أوقعت فيما لا يستدرك فارطه، وأن كلا من صاحب قسطنطينية وصاحب صقلية وملك الألمان وملوك وماوراء البحر، وأصحاب الجزائر كالبندقية والبيشانية والجنوية وغيرهم، قد تأهبوا بالعمائر البحرية، والأساطيل القوية، وللإسلام بأمير المؤمنين أعز ناصر، لاسيما وهم ينصرون باطلا، وهو ينصر حقا، وهو يعبد خالقا وهم يعبدون خلقا ".