للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسرت منها إلى البرية غربى الفرات بخفير من بنى خفاجة، فوصلت، وقضيت الحاجة، ورجعت من عند الخليفة المستنجد بالله - وهو يحاصر سنجار -.

ولما ملك نور الدين الرّقة سار إلى الخابور فملكه جميعه، ثم ملك نصيبين، وأقام بها بجميع العساكر، فأتاه نور الدين محمود بن قرا أرسلان الأرتقى - صاحب الحصن -، واجتمعت عليه العساكر؛ ثم سار إلى سنجار فحاصرها، ونصب عليها المجانيق، وكان بها عسكر كثير من الموصل، فكاتبه عامة الأمراء الذين بالموصل يحثونه على السرعة إليهم ليسلموا البلد إليه؛ وأشاروا بترك سنجار، فلم يقبل منهم، وأقام حتى ملك سنجار وسلمها إلى ابن أخيه عماد الدين زنكى بن مودود؛ ثم سار إلى الموصل فأنى إلى بلد، وعبر دجلة من مخاضة عندها إلى الجانب الشرقى، ثم سار حتى وصل شرقى الموصل على حصن نينوى، ودجلة بينه وبين الموصل؛ وبوصوله - أعنى وصول نور الدين - سقط من سور الموصل بدنة كبيرة.

وكان فخر الدين عبد المسيح قد سيّره عز الدين مسعود بن قطب الدين مودود إلى أتابك إيلدكز - صاحب بلاد الجبل وأذربيجان -، وأراد يستنجدوه، فأرسل إيلدكز رسولا إلى نور الدين ينهاه عن قصد الموصل، ويقول له: إن هذه البلاد للسلطان، ولا سبيل لك عليها، فلم يلتفت نور الدين إلى رسالته، وكان بسنجار، فسار إلى الموصل، وقال للرسول: «قل لصاحبك أنا أرفق ببنى أخى منك، فلا تدخل نفسك بيننا، وعند الفراغ من إصلاحهم يكون الحديث معك على باب همذان، فإنك قد ملكت نصف بلاد الإسلام، وأهملت الثغور، حتى غلب الكرج (١) عليها،


(١) الكرج أمة من المسيحيين، كانت مساكنها بجبال القوقاز المجاورة لتفليس، ثم استولوا على تفليس من المسلمين سنة ٥١٥ هـ‍، ولم يزالوا متملكين لها إلى أن أغار عليهم جلال الدين خوارزمشاه سنة ٦٢١ هـ‍ واسترد تفليس منهم. انظر: (Allen : History of the Georgian People PP .٨٥ - ١١٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>