للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم أنفذوا في ذلك اليوم يطلبون ذلك، فقال لهم السلطان:

" إما أن تنفذوا إلينا أصحابنا، وتتسلموا الذى عيّن لكم في ذلك النجم، ونعطيكم رهائن على الباقى تصل إليكم في نجومكم الباقية، وإما أن تعطونا رهائن على ما نسلمه إليكم حتى تخرجوا إلينا أصحابنا ".

فقالوا:

" لا نفعل شيئا من ذلك، بل تسلمون ما يقتضيه هذا النجم، وتقنعون بأماننا حتى نسلم إليكم أصحابكم ".

فأبى السلطان ذلك، لعلمه أنهم إن تسلموا الصليب والأسرى وأصحابنا عندهم يؤمن غدرهم، فلما رأوه قد امتنع من ذلك أخرجوا خيامهم مبرزين في الحادى والعشرين من رجب.

وخرج الانكلتير وجماعة من الخيالة والتركبلى (١)، وركبوا في وقت العصر السابع والعشرين من رجب، وساروا حتى أتوا إلى الآبار التي تحت تل العياضية، ثم أحضروا من الأسارى المسلمين من أراد الله تعالى شهادته (٢)، ووقفوهم وحملوا عليهم فقتلوهم صبرا، واليزك الإسلامى يشاهدهم ولا يعلمون ما يصنعون لبعدهم عنهم، وكان اليزك قد أنفذ إلى السلطان وأعلمه بركوب القوم، فأنفذ إلى اليزك من قوّاه، وبعد أن فرغوا منهم حمل المسلمون عليهم، وجرت بينهم حرب عظيمة، جرى فيها جروح كثيرة وقتل من الجانبين.

وأصبح المسلمون فوجدوا المسلمين الشهداء في مواضعهم صرعى، وعرفوا من عرفوا منهم، ولم يبق العدو من المسلمين إلا رجلا معروفا مقدّما، أو قويا له يد للعمل في عمائرهم، وتصرف السلطان في المال، وأعاد الاسارى إلى أربابها.


(١) الأصل: «التوكيل»، وقد صححت بعد مراجعة: (الروضتين، ج ٢، ص ١٨٩)، ولشرح اللفظ راجع ما فات هنا ص ١٤٩، هامش ١
(٢) بعد هذا اللفظ في الروضتين: «وكانوا زهاء ثلاثة آلاف مسلم في الحبال».

<<  <  ج: ص:  >  >>