للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعد ذلك إلى المسلمين كانت تلك الأملاك لبيت المال، فلما فتح أتابك المعرة جاءه (١) المعريون يطلبون تسليم أملاكهم إليهم، فاستفتى أتابك الفقهاء [على] (٢) ذلك، فأفتوه بما يقتضيه مذهبهم، وهو أن الأملاك لبيت المال، ولا حظّ لأصحابها فيها، فقال رحمه الله: إذا كان الفرنج يأخذون أملاكهم (٣)، ونحن نأخذ أملاكهم، فأى فرق بيننا وبين الفرنج؟ كل من أتى (٤) بكتاب يدل على أنه مالك لأرض فليأخذها، فرد إلى الناس جميع أملاكهم، ولم يعترض لشىء منها. وقال: «فاستحسن [السلطان] (٥) الملك المعظم هذه الفعلة». قلت (٦): وأما ابن الأثير (٧) فإنه في تاريخه روى ذلك على غير هذه الصورة، وقال: «إن الفرنج لما ملكوا المرة أخذوا أملاك أهلها، فلما فتحها [عماد الدين] (٨) زنكى، حضر من بقى من أهلها ومعهم أعقاب من هلك، فطلبوا [٤٤] أملاكهم، فطلب منهم كتبها، فقالوا: إن الافرنج أخذوا كل ما لنا، وذهبت الكتب التي للأملاك (٩)؛ فقال لأصحابه: «اطلبوا دفاتر ديوان حلب، فكل من عليه خراج على ملك يسلم إليه»، ففعلوا ذلك، وعاد الناس إلى أملاكهم (١٠)؛ وهذا من أحسن الأفعال وأعدلها» - رحمه الله وقدس روحه -.


(١) في الأصل: «جاءوا» وما هنا عن س.
(٢) ما بين الحاصرتين عن (س).
(٣) في (س): أملاكهم ولا نردها نحن، فأى فرق. . . الخ».
(٤) في الأصل: «أتا» بالألف.
(٥) ما بين الحاصرتين عن (س).
(٦) مكان هذا اللفظ في س: «قال صاحب الكتاب القاضى جمال الدين بن واصل قاضى القضاة بحماة».
(٧) هذا مثل من أمثلة كثيرة ستأتى فيما بعد تدل على أن ابن واصل لم يكن يقنع بالرواية الواحدة حتى ولو كان راويها أبوه نفسه، بل كان يقارن بين روايات المؤرخين المختلفين كلما وجد خلافا بين هذه الروايات.
(٨) ما بين الحاصرتين عن (س) و (ابن الأثير: الكامل، ج ١١، ص ٢٠).
(٩) نص ابن الأثير: «كل ما لنا والكتب التي للأملاك فيها».
(١٠) نص ابن الأثير: «وأعاد على الناس أملاكهم».

<<  <  ج: ص:  >  >>