للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الذخائر والعدد والرجال، ولم يتركوا شيئا يحتاجون إليه إلا وبذلوا الجهد في تحصيله، وأقاموا ينتظرونه، ووصل عماد الدين إلى بحيرة قدس، ثم سار منها إلى بعلبك فنازلها.

وكان الأمير جمال الدين محمد بن بورى لما ملك دمشق بعد أخيه شهاب الدين قد أقطع بعلبك لمعين الدين، فاستناب فيها معين الدين [من يثق إليه] (١)، فجدّ عماد الدين في محاصرتها، ونصب عليها أربعة عشر منجنيقا ترمى ليلا ونهارا، فأشرف من بها على الهلاك، فطلبوا الأمان وسلموا إليه المدينة، وبقيت القلعة وفيها جماعة من الشجعان، فقاتلهم فلما يئسوا من النصر طلبوا الأمان، فأمّنهم، فسلّموا إليه القلعة، فلما سلّموها إليه عذبهم، وأمر بصلبهم فصلبوا، ولم ينج منهم إلا القليل، فاستقبح الناس منه ذلك، واستعظموه وخافوه وحذروه، ولا سيما أهل دمشق، فإنهم قالوا: «لو ملكنا لفعل بنا كذلك»، فجدّوا في محاربته.

وكان لمعين الدين جارية يهواها، فلما تزوج أمّ جمال الدين محمد بن بورى صاحب دمشق سيّرها (٢) إلى بعلبك، فلما ملك عماد الدين بعلبك أخذ الجارية [فتزوجها] (٣) بحلب، فلم تزل بها إلى أن قتل [عماد الدين] (٤) فسيّرها ابنه نور الدين محمود - رحمهم الله تعالى - إلى معين الدين، وهى كانت سبب الود بينهما؛ وكان فتح بعلبك رابع صفر (٥) سنة أربع وثلاثين وخمسمائة.


(١) ما بين الحاصرتين عن س (ص ٧ ا).
(٢) الضمير هنا عائد على الجارية.
(٣) في الأصل، وفى س: «وتركها»، والصحيح وما يستقيم به المعنى ما ذكرناه هنا نقلا عن (ابن الأثير، ج ١١، ص ٢٧).
(٤) ما بين الحاصرتين عن س (ص ٧ ب).
(٥) لم يذكر اليوم والشهر في س.

<<  <  ج: ص:  >  >>