نصيّته، ولا غرو للسحاب أن يصافح قطره الثرى، والفجر أن يشرق نوره على عين الكرى والسرى.
فالحمد لله الذى قرّب على المملوك منال الآمال، وثبّت حصاة فؤاده لما لا تستقل بحمله صمّ الجبال، ويستنيب عن جهر الشكر بسرّ الأدعية، ويقتصر على ما يفضى به إلى المحاريب وإن لم يقصّر عمّا يقصّه في الأندية؛ ويطالع بأن مملوك الخدمه وابن مملوكها أخذ الكتاب بقوة، وشمّر لخدمة أشرف خلافة لأشرف نبوة، وتلقّاه تلقى أبيه الأول الكلمات؛ ورأى إطلاع الله لأمير المؤمنين على ما في ضميره من طاعته، إحدى المعجزات والكرامات، وسمع المشافهة خاشعا متصدعا، واشتمل عليها بفهمه ساميا طرفه متطلعا.
ولقد أشبه هذا الكتاب الكريم بيعة أخذت عليه، مدّ إليها يده آخذا بكلتا يديه، والمملوك يرجو، بل يتحقق، أن هذا العبد المشار إليه، سيوفى على سابقه من عبيد الدولة العباسية في الزمان، ويكون بمشيئة الله أسبق منهم بالإحسان؛ وقد صدرت خدمتان من جهته، وبعدهما تصدر الخدم، ولا يألو جهدا في الخدمتين مباشرا بيده السيف، ومستنيبا عنها العلم، وله نصرة باقية في الولاء وهو غنى بها عن النصير، وسريرة بادية في الطاعة هو إليها أسكن منها إلى كل مشير.
يعود المملوك إلى ما لا يزال يفتتح به الصلوات المفروضة، ويختتم به الختمات المعروضه؛ من الدعاء الصالح الذى [وإن] أغنى الله وليّه عنه فقد أحوج ذوى العقائد السليمة إليه؛ لأنه مزكّ لأعمالهم؛ بل متمم لإسلامهم، وكيف لا يدعون لمن يدعون به يوم يدعى كلّ أناس بإمامهم، فيقول: جمع الله لأمير المؤمنين طاعة خلقه! وأذلّ رقاب الباطل سيف حقه!، وجعل الله ما هو