فعاودوا (١) الزحف والقتال حتى كلّ أهل البلد وضعفوا عن القتال، ودخل التتر البلد فقتلوا وأكثروا ونهبوا.
ولما فرغوا منه عبروا دربند (٢) شروان لينفذوا منه إلى بلاد القفجاق من الترك، وبلاد اللان (٣)، وبلاد الروس وغيرهم من الأمم، فلم يقدروا على ذلك. فأرسلوا رسولا إلى شروان ملك الدربند، يطلبون منه رسولا يسعى في الصلح بينهم، فأرسل اليهم عشرة أنفس من أعيان أصحابه فقتلوا منهم واحدا وقالوا للباقين: «إن عرّفتمونا طريقا نعبر منه (٤) فلكم الأمان، وإلا قتلناكم كما قتلنا هذا». فدلّوهم على موضع ذكروا أنه أسهل الطرق.
فساروا وهم معهم حتى عبروا تلك الطريق، وتركوا الدربند وراءهم.
(١) في الأصل «فعاود» والصيغة المثبتة من نسخة س، وابن الأثير، نفس المرجع والجزء، ص ٣٨٥.
(٢) في نسختى المخطوطة «درب» انظر ما سبق، ص ٥٣ حاشية ٤.
(٣) ذكر ياقوت (معجم البلدان) أن اللان «بلاد واسعة في طرف أرمينية قرب باب الأبواب مجاورون للخزر». واللان اسم قبيلة فارسية الأصل، ذكرت أحيانا في المصادر العربية (أبو الفدا، تقويم البلدان ص ٢٠٣) باسم العلان. ولا يعرف الجغرافيون العرب سوى بلاد اللان، ويذكرون أنها كانت واقعة على المنحدر الشمالى لجبال القوقاز. وفى القرن الثالث عشر ذكرت المصادر أن اللان يعتنقون المسيحية. وعند بداية الغزو التترى كانت بلادهم قد امتدت إلى المناطق الواقعة شمالى الدربند، وكذلك كانت المنطقة الواقعة عند مصب الفولجا خاضعة لهم، وربما كان ذلك نتيجة سقوط مملكة الخزر، انظر، ابن خرداذبة، المسالك والممالك، ص ١٢٣ - ١٢٤، ١٦٣، ١٧٣؛
Barthold,article «AIIan», in E I; Dunlop,The History of the Jewish Khazars,pp .٥, ١٢, ١٩, ٢٦, ٤٣, ٦٦, ١٦٢, ١٦٤ - ٥, ١٩٤, ٢٤٩.
(٤) في الأصل «منهم» والصيغة المثبتة من نسخة س.