للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بحر متصل بخليج القسطنطينية (١) - فملكها التتر وتفرق أهلها؛ فبعضهم اعتصم بالجبال، وبعضهم ركب البحر وسار إلى بلاد السلطان علاء الدين كيقباذ بن كيخسرو [سلطان سلاجقة الروم (٢)].

ثم سارت طائفة من هؤلاء [التتر (٣)] إلى بلاد الروس، وهى بلاد طويلة عريضة، يدين أهلها بالنصرانية. وكان وصول التتر اليها في سنة عشرين وستمائة. وسمع الروس ومن جاء إليهم من قفجاق خبرهم، فاستعدوا لقتالهم، فساروا ليلقوا التتر ويردوهم عن بلادهم. فعاد التتر لما بلغهم ذلك على أعقابهم، فطمعت الروس وقفجاق فيهم، وظنوا أن رجوعهم أنما كان خوفا منهم وعجزا عنهم، فاتبعوهم مسافة إثنى عشر يوما. ثم عطفت التتر عليهم، وقد أمنوا وتفرقوا لاستشعارهم القدرة على التتر، فلم يجتمعوا للقتال إلا وقد بلغت التتر منهم مبلغا عظيما. فصبرت الطائفتان وتقاتلوا قتالا لم يسمع بمثله عدة أيام. ثم هزمتهم التتر هزيمة عظيمة وأثخنوا فيهم القتل، فلم يسلم منهم إلا القليل، ومن سلم وصل إلى البلاد على أقبح صورة لبعد الشقه. وتبعهم التتر يقتلون ويخربون حتى خلت أكثر البلاد، واجتمع كثير من أعيان تجار الروس وغيرهم، وحملوا ماعز عليهم إلى بلاد السلطان علاء الدين.

ولما سمع أهل بلغار بقربهم منهم، كمنوا لهم في عدة مواضع، وخرجوا فقاتلوهم. واستجروهم إلى أن جاوزوا مواضع (٤) الكمناء، فخرجوا عليهم من وراء ظهورهم، وبقوا في الوسط، وأخذهم السيف من كل ناحية، فقتل أكثرهم وسلم الباقون.


(١) في نسخة م «القستنطينية» والصيغة المثبتة من س.
(٢) اضيف ما بين الحاصرتين للتوضيح.
(٣) ما بين الحاصرتين من نسخة س.
(٤) في الأصل «موضع» والصيغة المثبتة من نسخة س.

<<  <  ج: ص:  >  >>