للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كل من يحمل السلاح في بلادى، فأريد أن تكون نوابى بمدينة دمشق لأحضر وألقى الفرنج، فإن انهزمت دخلت أنا وعسكرى البلد، واحتمينا به، وإن ظفرنا فالبلد لكم لا ينازعكم فيه أحد.» وأرسل إلى الفرنج يتهددهم إن لم يرحلوا عن البلد وإلا أتيتهم. فكفّ الفرنج عن القتال، وقوى أهل البلد على حفظه، واستراحوا من الحرب.

وأرسل معين الدين إلى الفرنج الغربا يقول لهم: «إن ملك الشرق قد حضر، فإن رحلتم وإلا سلمت البلد إليه، وحينئذ تندمون». [٦٧] وأرسل إلى أهل الساحل ويقول لهم: «بأى عقل تساعدون هؤلاء علينا وأنتم تعلمون أنهم إن ملكوا مدينة دمشق أخذوا ما بأيديكم من البلاد الساحلية، وأما أنا إن رأيت الضعف عن حفظ البلد سلمته إلى سيف الدين، وأنتم تعلمون أنه إن ملك دمشق لا يبقى لكم معه مقام بالشام». فأجابوا بالتخلى عن ملك الألمان، وبذل لهم حصن بانياس، فاجتمعت الفرنج الساحلية بملك الألمان وخوّفوه من استيلاء سيف الدين على دمشق، وأنه إن ملكها لا يكون لهم به طاقة، ولم يزالوا به حتى رحل عن دمشق، وتسلموا بانياس، ورجع ملك الألمان إلى بلاده، وقد ذكرناه.

وفى هذه النوبة قتل شاهنشاه بن نجم الدين (١) أيوب جد جد مولانا السلطان الملك المنصور (٢) - صاحب حماة، خلّد الله سلطانه (٣) - على باب دمشق، قتلته الفرنج المحاصرون للبلد، ودفن بالشرف ظاهر مدينة دمشق، وخلّف ولدين،


(١) في الأصل: «جمال الدين» وهو خطأ واضح.
(٢) هو الملك المنصور الثانى حكم حماة من سنة ٦٤٢ إلى سنة ٦٨٣. وقد خدمه مؤلف هذا الكتاب وعين قاضيا لقضاة حماة في عهده، وله ألف هذا الكتاب.
(٣) لهذا الدعاء أهمية خاصة فهو يعين على تحديد تاريخ تأليف هذا الكتاب، ومنه نستبين أن هذا الجزء من الكتاب كتب بعد سنة ٦٤٢ وهى السنة التي ولى فيها المنصور الثانى حكم حماة؛ أنظر ما فات ص ٢، هامش ٢ وص ٩٩ هامش ٤

<<  <  ج: ص:  >  >>