للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه، وفى آخرها كان الظفر له. وقد ذكر في حديث هذه الحروب أن التتر الذين قصدوا البلاد في هذه السنة، لم يكن قصدهم لها بأمر ألقان، وإنما كان سخط على مقدمهم وأبعده عنه وأخرجه من بلاده فقصد بلاد خراسان فرآها خرابا، فقصد الرى ليتغلب عليها وعلى غيرها من عراق العجم، فلقيه السلطان جلال الدين وضرب معه مصافا، فانهزم جلال الدين. ثم عاود القتال وانهزم ثانيا، وقصد أصفهان وأقام بينها وبين الرى، وجمع عساكره ومن في طاعته. وورد عليه ابن أتابك سعد بن دكلا صاحب فارس، وكان أبوه سعد قدمات وملك فارس بعده إبنه. ثم عاود جلال الدين لقاء التتر مرة ثالثه، وضرب معهم مصافا. وبينما (١) هم مصطفون انفرد من عسكر جلال الدين أخوه غياث الدين وجماعة آخرون وافقوه من الأمراء والجند، فاعتزلوا وقصدوا جهة ساروا إليها. فلما رآهم التتر قد فارقوا العسكر ظنوا أنهم يريدون أن يأتوهم من وراء ظهورهم ويقاتلوهم من جهتين، فانهزمت التتر لهذا الظن (٢)؛ وهذا من أغرب شئ وقع. وتبعهم ابن سعد صاحب بلاد فارس.

وأما جلال الدين فلما رأى مفارقة أخيه له ومن فارقه من الأمراء، ورأى التتر راجعين عنه، ظن أن ذلك خديعة منهم ليستدر جوه، فولى منهز ما ولم يجسر على دخول أصفهان لئلا يحصره التتر، فمضى إلى سميرم (٣). وأما صاحب فارس فلما أبعد في أثر التتر، ولم ير جلال الدين خاف التتر فعاد [عنهم (٤)].


(١) في المخطوطة «وبينهما» وهو تصحيف.
(٢) اعتمد ابن واصل كثيرا على ابن الأثير في سرده لهذه الأحداث، انظر ابن الأثير، الكامل، ج ١٢، ص ٤٧٦ حوادث سنة ٦٢٥.
(٣) سميرم بلدة تقع في منتصف المسافة بين أصبهان وشيراز، انظر ياقوت، معجم البلدان؛ أبو الفدا، تقويم البلدان، ص ٤١١.
(٤) الإضافة من ابن الأثير، الكامل، ج ١٢، ص ٤٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>