للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقنوات، وضويق البلد مضايقة شديدة حتى جاف البلد لانقطاع الماء عنه.

وبقى شرب الناس من الآبار، فكان أهل دمشق يخرجون كل يوم مع العسكر.

ويقاتلون أشد قتال، ويناصحون صاحبهم (١) أشد مناصحة لمحبتهم له ولوالده الملك المعظم، وكراهية لخروج الملك من أولاده.

وكنت في أكثر الأوقات أصعد مع جماعة على منارة دمشق، ونشاهد القتال، فكان ربما كر الدمشقيون على العسكر المصرى، وطاردوهم وأنكوا فيهم. وأحرقت مواضع للبلد، وطالت المدة إلى آخر رجب من هذه السنة، فاشتد ذلك على أهل دمشق لإقبال الصيف وعدم الفواكه عندهم، وغلاء السعر. ولم يكن بدمشق رخيص غير السكر والحلواء، فكانت الحلوى الصابونية (٢) وغيرها من الحلاوات أرخص من الجبن والخبز لكثرة السكر [الذى (٣)] كان بدمشق. ونفر من العسكر الدمشقى جماعة قليلة منهم أرغش المعظمى.

ونفدت النفقات عند الملك الناصر فأنفق في هذه المدة [١٤٧ ب] جميع ما في الخزائن، ثم شرع في ضرب ما عنده من الأوانى الفضية والذهبية دراهم ودنانير، وأنفقها حتى أتى على أكثر ما عنده من الذخائر (٤).


(١) أي الملك الناصر داود بن الملك المعظم.
(٢) نوع من الحلوى تصنع من الدقيق الذى يحمص بالسمن، ثم يضاف إليه السكر واللبن، ويعمل منه قوالب مثل الصابون، توضع في طبق وتبقى في الفرن حتى تنضج، انظر: الوصلة إلى الحبيب في وصف الطيبات والطيب (مخطوط بدار الكتب ٧٤ علوم صناعية) ورقة ٥٢ ب؛ الشيزرى، نهاية الرتبه في طلب الحسبة، ص ٤١ حاشية ٦ للدكتور العرينى.
(٣) ما بين الحاصرتين يقتضيه السياق.
(٤) انظر أيضا المقريزى، السلوك، ج ١، ص ٢٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>