للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالسيف أخذها، والخلفاء بمصر تحت قهرهم؛ وكان الأمر كذلك من أيام المستنصر بالله معدّ بن الظاهر.

وشرط شاور لنور الدين أنه إن سيّر معه العسكر ليقوى بهم على خصمه ضرغام، وينتزع الوزارة منه، أن يكون لنور الدين حصة من البلاد، ويكون شاور متصرفا تحت أمره ونهيه واختياره، فتردد نور الدين - رحمه الله - في إجابته، فتارة يقوى عزمه على ذلك طلبا للزيادة في الملك وليقوى على عدو الدين، فإن لم يكن له - رحمه الله - همة إلا جهادهم؛ وتارة يثنى عزمه خوفا على العساكر من خطر الطريق بسبب توسط الفرنج بينه وبين الديار المصرية.

ثم إنه قوى عزمه، وصمم على إجابة شاور إلى ملتمسه، واستخار الله سبحانه في ذلك، فتقدم إلى أسد الدين بالتجهيز للمضى مع شاور، واستصحب معه العساكر، وسارو في صحبته شاور، وسار معهما نور الدين إلى طرف بلاد الإسلام مما يلى بلد الأفرنج في بقية العسكر، ليشغلهم عن التعرض لأسد الدين.

وكان قصارى الفرنج حفظ بلادهم من نور الدين، ثم فارق أسد الدين نور الدين، وسار بمن معه إلى الديار المصرية، وكانت الطريق إذ ذاك شرقى الكرك والشّوبك، على عقبة أيلة (١) إلى صدر (٢) وسويس، ثم إلى البركة (٣) التي على باب القاهرة.


(١) مدينة على ساحل بحر القلزم وهى المعروفة اليوم باسم العقبة اختصارا. انظر أخبارها في: (ياقوت: معجم البلدان) و (المقريزى: الخطط، ج ١، ص ٢٩٨ - ٣٠٠).
(٢) هكذا ضبطها ياقوت، وقال إنها قلعة خراب بين القاهرة وأيلة.
(٣) هى بركة الجب، وقد عرفها (المقريزى: الخطط، ج ٣، ص ٢٦٥ - ٢٦٧) بقوله: «هذه البركة في الجهة البحرية من القاهرة على نحو بريد منها، عرفت أولا بجب عميرة، ثم قيل لها أرض الجب، وعرفت اليوم ببركة الحجاج من أجل نزول حجاج البر بها عند مسيرهم من القاهرة وعند عودهم. . . إلخ».

<<  <  ج: ص:  >  >>