للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المصير إلى خدمته، فلم يأذن له خوفا أن يفسد عليه عسكره، فأقام في الساحل متلددا (١) متحيرا. وآخر أمره أنه مضى إلى عكا، فأقام بها عند الفرنج، فكتب عمه الملك الصالح عماد الدين [إسماعيل صاحب دمشق (٢)] وطلبه منهم فبعثوه إليه، فتسلمه منهم واعتقله، فكان آخر العهد به. وقد ذكر أنه بعث إليه من خنقه، والله أعلم.

وكان الملك الجواد جوادا شجاعا ذاهمة عالية إلا أنه كان فاسد التدبير ضعيف الرأى، لو أقام بدمشق ولم يسلمها للملك الصالح لم يقصده لا الملك الصالح ولا أخوه الملك العادل، لأن كلا منهما كان خائفا [٣٤ ب] من الآخر. وكانت عنده عسكر جيده، وبيده مملكة واسعة، فكان مشى أمره بين ملكين مختلفين، أي منهما مال معه ترجح به على الآخر، لكن سوء الحظ أدركه.

وفى هذه السنة أعنى سنة ثمان وثلاثين وستمائة، سافر القاضى بدر الدين يوسف بن الحسن الزرزارى المعروف بقاضى سنجار، من حماه إلى الديار المصرية على الساحل (٣). فلما وصل إلى مصر أكرمه الملك الصالح نجم الدين غاية الإكرام، وجازاه على يده عنده وهو ما تقدم ذكره من الإصلاح بينه وبين الخوارزمية والقدوم بهم عليه وهو محصور بسنجار. وقد كاد بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل أن يملكها ويقبض عليه، حتى كسروا بدر الدين، ونهبوا أثقاله وبددوا جموعه.

وانفرج عن الملك الصالح الحصار.


(١) تلدّد بمعنى تلفت يمينا وشمالا وتحير متبلدا، انظر ابن منظور لسان العرب، ج ٤، ص ٣٩٥.
(٢) ما بين الحاصرتين للتوضيح من أبى الفدا، المختصر، ج ٣، ص ١٦٩.
(٣) نقل ابن أيبك الدوادارى عن ابن واصل هذا الحادث مع بعض التعديل والتغيير بادئا: «قال ابن واصل: وفيها قدم القاضى بدر الدين يوسف بن الحسن. . .» انظر الدر المطلوب، ص ٣٤٥؛ وعن قدوم قاضى سنجار إلى مصر انظر أيضا، المقريزى، السلوك، ج ١، ص ٣٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>