للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخذوا البلاد، وإن ترددهم إليها في كل وقت لا يفيد، وإن شاور يلعب بنا (١) تارة وبالفرنج أخرى، وإنهم إن قتلوه واستولوا على البلاد حفظوها من عدو الدين، وقيل إن صلاح الدين وعز الدين جرديك اتفقا على ذلك، وشاورا أسد الدين في ذلك، فنهاهما عنه؛ وقيل إن أسد الدين سيّر الفقيه ضياء الدين عيسى (٢) إلى شاور يشير عليه بالاحتراس (٣)، وقال: «أخشى عليك ممن عندى من الناس»؛ فركب شاور منبسطا على عادته واسترساله؛ وكان يركب على قاعدة الوزراء بالطبل والبوق والعلم، وكان أسد الدين قد توجه لزيارة قبر الشافعى - رحمة الله عليه (٤) - بالقرافة (٥)، فقصد شاور مخيّم أسد الدين ليجتمع به على العادة، فصادفه صلاح الدين يوسف ابن أيوب والأمير عز الدين جرديك - رحمهم الله - ومعهم جمع من العسكر، فخدموه وأعلموه أن أسد الدين في الزيارة، فقال: «نمضى إليه»، فسار - وهما


(١) في س: «بهم».
(٢) هو الفقيه أبو محمد ضياء الدين عيسى بن محمد بن عيسى الهكارى، كان في مبدأ أمره يشتغل بالمدرسة الزجاجية بحلب، ثم اتصل بالأمير أسد الدين شيركوه فعينه إماما له، وأتى معه إلى مصر وكانت لعيسى اليد الكبرى في إقناع أمراء الجيش النورى بمصر لتولية صلاح الدين الوزارة للعاضد بعد موت عمه أسد الدين، وأصبح منذ ذلك الحين واحدا من كبار الأمراء الصلاحية، وكان عيسى فقيها وجنديا مجاهدا، يلبس زى الأجناد ويعتم بعمامة الفقهاء، وقد أسره الفرنج وبقى في الأسر إلى أن افتداه صلاح الدين بمبلغ كبير من المال. وتوفى في ذى القعدة سنة ٥٨٥ هـ‍. انظر: (ابن خلكان، الوفيات، ج ٣، ص ١٦٥ - ١٦٦).
(٣) في س (١١٦ ب): «بالاحتراز على نفسه».
(٤) في س: «رضى الله عنه».
(٥) خطة من خطط الفسطاط الأولى كانت لبنى غصن بن يوسف بن وائل من المعافر، وقرافة بطن من المعافر، نزلوها عند الفتح فسميت بهم، قال (ياقوت): وهى اليوم مقبرة أهل مصر وبها أبنية جليلة ومحال واسعة وسوق قائمة ومشاهد للصالحين وترب الأكابر مثل ابن طولون والماذرائى وبها قبر الامام أبى عبد الله محمد بن إدريس الشافعى في مدرسة للفقهاء الشافعية. وقد أصبح هذا اللفظ علما يطلقه المصريون إلى اليوم على كل مقبرة لدفن الموتى في أي مكان وفى أي مدينة من مدنهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>