للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما مؤلف كتاب الروضتين (١) فإنه حكى في كتابه أنه اجتمع بالأمير أبى الفتوح ابن العاضد وهو محبوس مقيّد سنة ثمان وعشرين وستمائة، فأخبره أبو الفتوح أن أباه في مرضه استدعى صلاح الدين فحضر، قال: «وأحضرنا - يعنى أولاده - ونحن صغار، فأوصاه بنا، فالتزم إكرامنا واحترامنا»؛ ولما توفى العاضد جلس الملك الناصر للعزاء وأظهر البكاء والحزن عليه. ومشى في جنازته إلى قبره؛ ثم تسلم القصر بما فيه من الخزائن [والذخائر (٢)]، والدفاتر والدواوين.

وكان لمّا جرى لمؤتمن الخلافة ما جرى وقتل، وكّل صلاح الدين بالقصر الأمير بهاء الدين قراقوش (٣) الأسدى، وجعله زمام القصر مقام مؤتمن الخلافة فترتب في القصر فما كان يدخل إلى القصر شىء ولا يخرج منه شىء إلا بمرأى منه ومسمع، فضاق خناق (٤) أهل القصر بسببه؛ فلما مات العاضد احتيط على أهله وأولاده في موضع خارج القصر في مكان أفرد لهم (٥)، وقرّر لهم شيئا برسم الكسوة والنفقة


(١) انظر (الروضتين، ج ١، ص ١٩٤).
(٢) ما بين الحاصرتين عن س (٣٢ ا).
(٣) قراقوش كلمة تركية معناها الطائر الأسود، وإن كان ابن خلكان قد ذكر أن معناها «العقاب»، أنظر ترجمته في: (ابن خلكان: الوفيات، ج ٣، ص ٢٥٤ - ٢٥٥) و (ابن أبى الوفاء: الجواهر المضية في طبقات الحنفية، ج ٢، س ٤٤٣ - ٤٤٤)، (النجوم الزاهرة، ج ٦، ص ١٧٦ - ١٧٨). و (الدكتور عبد اللطيف حمزة: كتاب حكم قراقوش) و (المقريزى: الخطط، ج ٣، ص ٢ - ٤).
(٤) كتب كاتب أمام هذا اللفظ بالهامش من الأصل معناه باللاتينية هكذا «خناق funis».
(٥) روى صاحب الروضتين (ج ١، ص ١٩٤) عن الأمير أبى الفتوح بن العاضد أن قراقوش «جعلهم في دار برجوان في الحارة المنسوبة إليه بالقاهرة، وهى دار كبيرة واسعة، كان عيشهم فيها طيبا، ثم نقلوا بعد الدولة الصلاحية منها، وأبعدوا عنها».

<<  <  ج: ص:  >  >>