للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بلاد النوبة (١)، وفتح حصنا لهم يدعى إبريم، وسبى وغنم، فوجدها بلادا قليلة الجدوى، فجمع السبى وعاد به إلى أسوان، وفرّق الغنائم في أصحابه.


(١) أورد صاحب الروضتين (ج ١، ص ٢٠٨ - ٢٠٩) - نقلا عن ابن أبى طى المؤرخ الحلبى - حديثا مفصلا عن حملة تورانشاه إلى بلاد اليمن، وهذا الحديث يتضمن معلومات فريدة وهامة جدا، ولهذا آثرنا نقله هنا، قال: «وفيها اجتمع السودان والعبيد من بلاد النوبة، وخرجوا في أمم عظيمة قاصد بن ملك مصر، وصاروا إلى أعمال الصعيد، وصمموا على قصد أسوان وحصارها ونهب قراها، وكان بها الأمير كنز الدولة، فأنفذ يعلم الملك الناصر، وطلب منه نجدة، فأنفذ قطعة من جيشه مع الشجاع البعلبكى، فلما وصل إلى أسوان وجد العبيد قد عادوا عنها بعد أن أخرجوا أرضها فأتبعهم الشجاع والكنز، فجرت حرب عظيمة قتل فيها من الفريقين عالم عظيم، ورجع الشجاع إلى القاهرة وأخبر بفعال العبيد وتمكنهم من بلاد الصعيد، فأنفذ الملك الناصر اخاه شمس الدولة في عسكر كثيف، فوجدهم قد دخلوا بلاد النوبة، فسار قاصدا بلادهم، وشحن مراكب كثيرة في البحر بالرجال والميرة، وأمرها بلحاقه إلى بلاد النوبة، وسار إليها، ونزل على قلعة إبريم، وافتتحها بعد ثلاثة أيام وغنم جميع ما كان فيها من المال والكراع والميرة، وخلص جماعة من الأسرى، وأسر من وجده فيها، وهرب صاحبها، وكتب إلى السلطان بذلك. . . ثم رجع شمس الدولة إلى أسوان ثم إلى فوص، وكان في صحبته امير يقال له إبراهيم الكردى، فطلب من شمس الدولة قلعة إبريم، فأقطعه إياها، وأنفذ معه جماعة من الأكراد البطالين، فلما حصلوا فيها تفرقوا فرقا، وكانوا يشنون الغارة على بلاد النوبة حتى برحوا بهم، واكتسبوا أموالا كثيرة حتى عفت أرزاقهم وكثرت مواشيهم، واتفق انهم عدّوا إلى جزيرة من بلاد النوبة تعرف بجزيرة ذبدان (؟) فغرق أميرهم إبراهيم وجماعة من أصحابه، ورجع من بقى منهم إلى قلعة إبريم، وأخذوا جميع ما كان فيها واخلوها بعد مقامهم بها سنتين، فعاد النوبة إليها وملكوها، وأنفذ ملك النوبة رسولا إلى شمس الدولة وهو مقيم بقوص، ومعه كتاب يطلب الصلح ومع الرسول هدية - عبد وجارية - فكتب له جواب كتابه، وأعطاه زوجى نشاب، وقال: «مالك عندى جواب إلا هذا»، وجهز معه رسولا يعرف بمسعود الحلبى، وأوصاه أن يكشف له خبر البلاد ليدخلها، فسار الحلبى مع الرسول حتى وصل دنقلة - وهى مدينة الملك - قال مسعود: فوجدت بلادا ضيقة، ليس لهم زرع إلا الذرة، وعندهم نخل صغار، منه أدامهم»، ووصف ملكهم بأوصاف منها أن قال: «خرج علينا يوما وهو عريان، قد ركب فرسا عريا، وقد التف في ثوب أطلس، وهو أقرع، ليس على رأسه شعر، فأتيت فسلمت عليه، فضحك وتغاشى، وأمر بى أن تكوى يدى فكوى عليها هيئة صليب، وأمر لى بقدر خمسين رطلا من الدقيق، ثم صرفنى»، قال: «وأما دنقلة فليس فيها عمارة إلا دار الملك فقط وباقيها أخصاص». انظر أيضا:
(P. Casanova : Les Derniers Fatimides Memores de la Mission Archeo - logique Francaise du Caire .Tome VI,٣, P. P .٤١٥ - ٤٤٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>