للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكم إن المال [١٥٨] يعاد إلى أصحابه؟ فذكروا له قول كمال الدين، فرده إليه، وقال للرسول: «قل لكمال الدين: أنت تقدر على حمل هذا، وأما أنا فرقبتى رقيقة لا أطيق حمله والمخاصمة عليه بين يدى الله تعالى؛ يعاد، قولا واحدا». فأعاده (١).

ونور الدين - رحمه الله - أول من بنى دار الكشف، وسماها دار العدل، وكان سبب بنائها أنه لما طال مقامه بدمشق، وأقام [بها] (٢) أمراؤه - وفيهم أسد الدين شيركوه بن شاذى، وكان قد عظم شأنه حتى صار كأنه شريك له في الملك -، فاقتنوا الأملاك، وأكثروا، وتعدى كل واحد منهم على من يجاوره في قرية أو غيرها، فكثرت الشكاوى إلى القاضى كمال الدين، فأنصف بعضهم من بعض، ولم يقدم (٣) على الإنصاف من أسد الدين شيركوه، فأنهى الحال إلى نور الدين، فأمر حينئذ ببناء دار العدل، فلما سمع أسد الدين بذلك أحضر نوابه جميعهم، وقال: «اعلموا أن نور الدين ما أمر ببناء هذه الدار إلا بسببى وحدى، وإلا من هو الذى يمتنع على كمال الدين؟ والله لئن أحضرت إلى دار العدل بسبب أحدكم لا صلبنّه؛ فامضوا إلى من كان بينكم وبينه منازعة في ملك (٤)، فانصلوا الحال معه وأرضوه بأى شىء أمكن، ولو أتى ذلك على جميع ما أملك»، فقالوا له: «إن الناس إذا علموا بهذا اشتطوا في الطلب»، فقال: «خروج أملاكى عن يدى أسهل علىّ من أن برانى نور الدين بعين أنى ظالم، ويساوى بينى وبين آحاد العامة في الحكومة»، فخرج أصحابه من عنده وفعلوا ما أمرهم، وأرضوا خصمائهم، وأشهدوا عليهم.


(١) كذا في الأصل، وفى الروضتين، وفى س (٥١ ب): «فأعاده إلى القاضى، فرده القاضى على من أخذ منه».
(٢) ما بين الحاصرتين عن س و (الروضتين، ج ١، ص ٨)، وقد ذكر صاحب الروضتين أنه نقل هذا الخبر عن ابن الاثير.
(٣) كذا في الأصل، وفى الروضتين، وفى س: «يقدر».
(٤) في الاصل: «ذلك» وما هنا صيغة س (٥١ ب)، والروضتين.

<<  <  ج: ص:  >  >>