للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إقطاعه فتقدما عند مجاهد الدين، وفوّض [مجاهد الدين] إلى نجم الدين أيوب دزداريّة (١) تكريت، فسارا إليها، ونزلا بقلعتها، فأقاما بها مدة.

ولما وقعت الحرب بين الخليفة المسترشد بالله (٢) والأمير عماد الدين زنكى ابن آق سنقر سنة ست وعشرين وخمسمائة - على ما سنذكره - وكسر الخليفة عماد الدين زنكى، خدم نجم الدين أيوب أتابك زنكى، وأقام له السفن حتى عبر هناك دجلة، واتبعه أصحابه، وأحسن نجم الدين أيوب وأخوه (٣) أسد الدين شيركوه صحبته. وكان هذا أول المعرفة بين عماد الدين زنكى وبين نجم الدين أيوب وأخيه أسد الدين شيركوه، ومبدأ سعادتهما، ولكل شىء سبب.

ثم جرى لنجم الدين أيوب ما أوجب صرفه عن ولاية تكريت، فقيل: كان السبب أن أسد الدين شيركوه قتل إنسانا بتكريت ظلما، فعزل مجاهد الدين أخاه [نجم الدين] (٤) لذلك؛ وقيل: إن نجم الدين أيوب رمى مملوكا من مماليك مجاهد الدين بهروز بسهم فقتله، فخشى نجم الدين، فتوجّه نحو الموصل ومعه أخوه أسد الدين، فخدما عماد الدين زنكى بن آق سنقر - صاحب الموصل - فأحسن إليهما، وقربهما، ورعى لهما خدمتهما له، وبالغ في إكرامهما، وأقطعهما إقطاعات جليلة وترقّت [٤] أحوالهما عنده، فلما فتح عماد الدين زنكى بعلبك، جعل نجم الدين أيوب


(١) كلمة فارسية مكونة من لفظين: دز - ويقال دز - أي قلعة، ودار الحافظ أو الممسك، فكأن معناها صاحب القلعة أو متوليها؛ انظر: (الجواليقى: المعرب، ص ٢٦٧؛ ابن خلكان: الوفيات، ج ٣، ص ٤٧٢؛ Dozy : Sup .Dict .Arab).
(٢) المسترشد بالله أبو منصور الفضل بن المستظهر بالله (٥١٢ - ٥٢٩)؛ انظر تفاصيل هذه الحرب بينه وبين زنكى في: (ابن الجوزى: المنتظم، ج ١٠، ص ٢٦؛ ابن الأثير: الكامل، ج ١٠، ص ٢٨٩؛ السيوطى: تاريخ الخلفاء، ص ٢٨٦ - ٢٨٧).
(٣) في الأصل: «وأخاه».
(٤) أضفنا ما بين الحاصرتين ليتضح المعنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>