إلى صاحب دمشق كان سببه أنه راسل الأمير سيف الدين غازى بن عماد الدين زنكى - وهو أكبر من أخيه نور الدين محمود - رحمه الله - ليسلم إليه بعلبك ويرسل إليه من يحفظها، فأبطأ عليه بسبب اشتغال سيف الدين بترتيب الممالك الشرقية، وخاف نجم الدين أن تؤخذ منه عنوة، ويناله أذى، فسلّمها إلى صاحب دمشق بسبب ذلك.
واتصل الأمير أسد الدين شيركوه بن شاذى - أخو نجم الدين أيوب - بخدمة نور الدين محمود، بن عماد الدين زنكى، وصار من أخص أصحابه، ومقدما على سائر أمرائه، لما عرفه من شهامته وشجاعته، وإقدامه في الحرب على ما لا يقدم عليه غيره؛ ولم يزل حاله ينمو عنده إلى أن أقطعه مدينتى حمص والرحبة.
ولما قويت أطماع نور الدين محمود بن زنكى في ملك دمشق [٥] وأخذها من صاحبها مجير الدين أبق بن محمد، أمر أسد الدين شيركوه بمكاتبة أخيه نجم الدين أيوب، وكان بها مقيما، وطلب منه مساعدته على ما هو بصدده، فطلب هو وأخوه نجم الدين أيوب من الإقطاع شيئا كثيرا ببلد دمشق، فبذل لهما نور الدين ما طلبا، وحلف لهما على ذلك فساعد نجم الدين في تسليم البلد إلى نور الدين، فتسلمه، ووفى لهما بما حلف لهما عليه، وصارت منزلتهما عنده في أعلا الرتب؛ وصار أسد الدين شيركوه مقدم جيوشه وعساكره
ثم كان من قصد أسد الدين الديار المصرية بعساكر نور الدين ما سنذكره إن شاء الله تعالى.
ولما كان ابتداء أمر نجم الدين وأخيه أسد الدين مبنيا على الدولة الأتابكية كان الأولى الابتداء بذكر الدولة الأتابكية.