للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأخذ عوضا عنها أسير من المسلمين، وطال أسر الباقين، فمنهم من هلك في الأسر، ومنهم من خرج بقطيعة.

وكانت عدة العدو عشرة آلاف مقاتل، وانهزم ملكهم مجروحا، وكان لعز الدين فرخشاه في هذه الموقعة بلاء حسن، فحكى حسام الدين تميرك بن يونس - وكان مع عز الدين - قال:

" كنا في أقل من ثلاثين فارسا، قد تقدمنا العسكر، فشاهدنا من خيل الفرنج ستمائة فارس، واقفين على جبل، وبيننا وبينهم الماء، فأشار عز الدين أن نعبر النهر إليهم، ففعلنا، ولحقنا عسكر السلطان، فهزمناهم ".

ومن غريب الاتفاق أن في هذا اليوم بعينه ظفر الأسطول المصرى ببطسة (١) كبيرة، فاستولى عليها المسلمون، وعلى أخرى، وعاد إلى الثغر مستصحبا ألف رأس من السبى.


(١) البطسة أو البطسة، ويقال أحيانا بطشة أو بطشة، وقد تحرف إلى بسطة أو بسطة؛ والجمع بطسات وبطس، وبطشات وبطش. ذكر صاحب (محيط المحيط) أنها مأخوذة عن الاسبانية ومعناها السفينة الكبيرة، ويفهم من نصوص المراجع العربية في العصور الوسطى أنها كانت تستخدم أصلا للحرب، وقد تستخدم لنقل التجارة، وقال (على مبارك: الخطط التوفيقية، ج ١٤ ص ٨٢): " ومن أسماء المراكب أيضا البطسة، وجمعها بطس، يقال: جهز الفرنج بطسا متعددة، وجعلوا على سوارى البطس أبراجا، ووجدوا بطسة فيها ثلاثمائة من الفرنج، وبطسة كبيرة تشتمل على ميرة وذخيرة "، ويفهم من هذه النصوص أيضا أن البطسة كانت تحمل في العادة ما بين ٣٠٠ و ٧٠٠ مقاتل، وسيشير ابن واصل فيما يلى هنا إلى بطسة كبيرة عند حديثه عن حصار عكا في سنة ٥٨٧ هـ‍ بقوله: " وكان السلطان قد أمر بتعبية بطشة عظيمة هائلة ببيروت، مشحونة بالآلات والأسلحة والمير والرجال والمقاتلة لتدخل إلى عكا، وكانت عدة المقاتلة بها ستمائة وخمسين رجلا. . . إلخ ". وسيصف أيضا بطسة كبيرة أخرى استعملت للقتال عند محاصرة برج الذبان في سنة ٥٨٦ هـ‍. انظر أيضا: (صالح بن يحيى: تاريخ بيروت، نشر لويس شيخو، ص ٣١، هامش ٣) و (KINDERMANN : Schiff im Arabischen P. P. ٧ - ٩) و (الشيال: معجم السفن العربية، مخطوطة لم تطبع بعد).

<<  <  ج: ص:  >  >>