للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكر العماد الكاتب (١): أن النقب كان طوله ثلاثين ذراعا (٢) في عرض ثلاثة أذرع، وكان عرضه تسعة أذرع - كما ذكرناه - فأمر السلطان بإطفاء النار بعد يومين ليتم نقبه، وقال:

" من جاء بقربة ماء فله دينار ".

فجاء الناس بالقرب، وصبوا الماء على النار حتى أطفأوها، ثم عاد النقابون فنقبوا وخرقوا السور، [٢١٢] وألقوا فيه النار، فسقط يوم الخميس لست بقين من ربيع الأول، ملك المسلمون الحصن، وأسروا كل من فيه، وأطلقوا من كان فيه من أسرى المسلمين.

وكان الفرنج قد جمعوا وراء السور الواقع حطبا، فلما وقع دخلت الرياح فردت النار عليهم، فأحرقت بيوتهم وطائفة منهم، فاجتمعوا إلى الجانب البعيد من النار، وطلبوا الأمان، فلما خمدت النار دخل المسلمون واستولوا عليهم قتلا وأسرا، وغنموا مائة ألف قطعة من الحديد من أنواع الأسلحة، وشيئا من الأقوات وغيرها، وجئ بالأسارى إلى السلطان، فمن كان مرتدا أو راميا ضربت (٣) عنقه، وأكثر الأسارى قتله في الطريق المطوّعة (٤) وكان عدة الأسرى نحو سبعمائة، وخلص من أسرى المسلمين أكثر من مائة مسلم، وسير باقى الأسرى إلى دمشق.

وأقام السلطان في منزلته حتى هدم الحصن إلى الأساس، وطمّ جب ماء معين كان حفرته الفرنج في وسطه، ورمى فيه القتلى، وكان عند السلطان - رحمه الله - رسول القومص، فشاهد البلية في أهل ملته، وكان السلطان قد بذل لهم في هدمه ستين ألف دينار فلم يفعلوا، فزادهم حتى بلغ مائة ألف فأبوا، وكانت مدة المقام على الحصن أيام فتحه وبعدها أربعة عشر يوما.


(١) وبهذا اللفظ عاد للنقل عن العماد.
(٢) الأصل: «ذراع».
(٣) الأصل: «ضرب» والتصحيح عن (الروضتين، ج ٢، ص ١١).
(٤) النص عند العماد - وهو الأصل المنقول عنه هنا: " وأكثر من أسر قتله في الطريق الغزاة المطوعة "، راجع: (الروضتين، ج ٢، ص ١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>