للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعدتها تزيد على عشرين ألف حجر، لا يستقر (١) الحجر في مكانه، ولا يستقل في بنيانه، إلا بأربعة دنانير فما فوقها، وفيما (٢) بين الحائطين حشو من الحجارة الصم، المرغم بها أنوف الجبال الشم، وقد جعلت سقيته بالكاس الذى إذا أحاطت قبضته بالحجر مازجه بمثل جسمه، وصاحبه بأوثق وأصلب من جرمه، وأوعز إلى خصمه من الحديد بألا يتعرض لهدمه ".

فصل: " وبات الناس في ليلة الجمعة مطيفين بالحصن والنيران به مطيفة وعليه مشتملة، وعذبات ألسنتها على تاجه مهدلة ومسدلة، ومن خلفه مسبلة، ونارهم قد أطفأها الله بتلك النار الواقدة، ومنعتهم قد أذهبها الله بتلك الأبرجة الساجدة، وبنفسج الظلماء قد استحال جلنارا، والشفق قد عمّ الليلة فلم يختص آصالا (٣) ولا أسحارا، ونفحاتها حميمية وقودها الناس والحجارة، والبلاء ينادى بلسان مصابها: إياك أعنى واسمعى يا جارة؛ فولجت النار موالج يضيق بها (٤) الفكر، ويعجز عنها الإبر، ونقلت البناء من العين إلى الأثر، وقال الكفر: إنها لإحدى الكبر، وخولف المثل " إن السعادة لتلحظ الحجر "، وأغنى ضوؤها لسان كل إمّعة أن يسأل هذا وهذا: ما الخبر؟ وقذفت بالشرر كالجمالات الصفر، وزفرت يغيظ تعفر له خدود الجبال الصعر، وتلحقها بالكثب العفر، وبات الليل والنهار يثله، وكلما [٢١٤] أغمده الخمود جعل الوقود يسله، إلى أن بدا الصباح كأنه منها يمتار الأنوار، وانشق الشرق ومن عصفرها صبغ الأزار، فحينئذ تقدم الخادم فاقتلع الأحجار بيده من أسها، ومحا حروف البنيان من طرسها، وتبعه الجيش ورفاقه، وكافة من اشتمل عليه نطاقه ".


(١) الأصل: «يستقل» والتصحيح عن نسخة الرسالة الواردة في (الروضتين، ج ٢، ص ١٣).
(٢) الأصل: «ما» وما هنا عن نفس المرجع.
(٣) الأصل: «أصلا» وما هنا عن نفس المرجع.
(٤) في الروضتين: «منها»

<<  <  ج: ص:  >  >>