للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«لا ينبغى أن تبدأ بغير الموصل، لأنها في أيدينا لا مانع لها، [٢٣٥] فإن عز الدين ومجاهد الدين متى سمعا بمسيرنا تركاها وسارا عنها إلى بعض القلاع الجبلية».

ووافقه على ذلك ناصر الدين محمد بن شيركوه، وكان قد بذل للسلطان مالا كثيرا ليقطعه الموصل إذا ملكها، فأجابه إلى ذلك، فأشار بهذا الرأى لهواه، فسار السلطان إلى الموصل، وكان عز الدين صاحبها ونائبه مجاهد الدين [قايماز] (١) قد جمعا بالموصل العساكر الكثيرة ما بين فارس وراجل، وأظهرا من السلاح وآلات الحصار ما حارت له الأبصار، وكانت طريق السلطان على أعمال ما بين النهرين، ثم أعمال البقعة (٢)، ثم سار (٣) إلى دجلة، فوردت خيله - في أشهر متقاربة - نيل مصر والفرات والدجلة؛ ثم صمم على قصد الموصل، فلما قرب منها انفرد هو ومظفر الدين بن زين الدين، وابن عمه ناصر الدين محمد بن شيركوه، ونفر من أعيان دولته، وقربوا من البلد، فلما رآه وحققه رأى ما هاله وملأ صدره وصدور أصحابه، فإنه رأى بلدا عظيما، ورأى الأسوار قد ملئت بالرجال، وليس فيها (٤) شرّافة (٥) إلا وعليها رجل مقاتل، سوى من عليه من عامة البلد المتفرجين، فلما رأى ذلك علم أنه لا يقدر على أخذه، فقال لناصر الدين:


(١) ما بين الحاصرتين عن س.
(٢) كذا في الأصل، و (الروضتين، ج ٢، ص ٣٢)؛ وس (٧٧ أ): " هعه " بدون نقط.
(٣) قبل هذا اللفظ في س: " ثم للد "، ولعلها: " بلد "، فقد جاء في الروضتين نقلا عن العماد: " ثم سرنا إلى بلد وأشرفنا على دجلة ".
(٤) الأصل: " فيه " وقد صححت ليستقيم بها المعنى.
(٥) في (اللسان): " الشّرف " كل نشز من الأرض قد أشرف على ما حوله، و " الشرفة " ما يوضع على أعالى القصور والمدن، والجمع شرف. فلعل المقصود هنا بالشرافة الأجزاء العليا من السور التي تشرف على خارجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>