العزيز محمد بن الملك الظاهر غازى - صاحب حلب -، فلم يزل مالكا لها إلى أن وطئت التتر البلاد وملكوها سنة ثمان وخمسين وستمائة، فأعادوا حمص إلى الملك الأشرف موسى بن الملك المنصور، ثم لما رجعت البلاد إلى المسلمين أقرّه عليها الملك الظاهر ركن الدين، ثم توفى الملك الأشرف في سنة اثنتين وستين وستمائة (١)، وهو آخر من ملك حمص منهم.
وكتب السلطان إلى الملك المجاهد يعزيه بأبيه:
" قد علمنا المصاب بوالده رحمه الله، وعظّم أجرنا وأجره فيه، وإن كان مضى لسبيله فولدنا أسد الدين - أحياه الله - نعم الخلف الصالح، وإن انتقل والده إلى دار البقاء، فهو في مكانه المستقر من المجد والعلاء، والبلاد والمعاقل باقية عليه، مسلمة إليه، مقررة في يديه، وما مضى من والده - رحمه الله -[٢٦٦] إلا عينه، وولدنا قرة العيون، وبه استقر السكون، والحمد لله الذى جبر به كسر المصاب، وألبسنا وأياه ثوب الثواب، فليشرح ولدنا صدره، ولا يشغل سره، ويعرف خواصه وأصحابه وولاته ونوابه بحمص والرحبة وغيرهما أنهم باقون على عادتهم ".
وكان المندوب إليه في هذه الرسالة القاضى نجم الدين أبا البركات عبد الرحمن بن الشيخ شرف الدين بن أبى عصرون، وهو الذى تولى الحكم بحماة، وتوفى بها.
وخلّف ناصر الدين أموالا جزيلة وذخائر كثيرة، [و] قسّم السلطان الميراث لما قدم حمص، وكان تحت ناصر الدين ست الشام المعروفة بالحسامية زوجة ناصر الدين، فصرف إليها ثمنها، وقسم الباقى بين أسد الدين وأخوته، على مقتضى الشريعة المطهرة.
(١) هذا التاريخ يدل على أن ابن واصل كان يكتب هذا الجزء من كتابه بعد سنة ٦٦٢ هـ.