للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من السلطان بالبلد، والتقدم إلى النواب بتلك البلاد بمساعدته، والشدّ معه (١) والتحذير من مخالفته؛ فقال قسيم الدولة لتاج الدولة: «لا أقاتل من هذه المناشير بيده». فأغلظ له تاج الدولة، وقال: «هل أنت إلا تابع لى؟» فقال قسيم الدولة: «أنا أتابعك، إلا في معصية السلطان فلا». ورحل من الغد عن موضعه، فاضطر تاج الدولة إلى الرحيل، فرحل غضبان، وعاد مجاهد الدولة بزان إلى بلاده.

وفى سنة خمس وثمانين وأربعمائة اجتمع مع الأمير شرف الدين إبراهيم ابن قريش بن بدران العقيلى - صاحب الموصل - عرب كثير، وكان معتقلا في قبضة أخيه، فلما قتل استبد بالأمر، وانضاف إليه خلق كثير من العرب، وكان محبوبا كريما، فلقيه الملك جلال الدولة، والأمير قسيم الدولة، فهزموه، ونهبوا من معه من العرب، وسبوا نساءهم (٢).

وفى هذه السنة توفى السلطان جلال الدولة ملكشاه ببغداد، فطمع أخوه (٣) تاج الدولة - صاحب دمشق - في السلطنة، واستمال قسيم الدولة - صاحب حلب -، ومجاهد الدولة بزان - صاحب الرّها -، وكان تاج الدولة - قبل ذلك - في خدمة أخيه ببغداد، فلما انفصل راجعا إلى بلاده، بلغته وفاة أخيه وهو بهيت، فسار إلى دمشق، وتجهز وجمع العساكر، وأنفق الأموال، وسار نحو حلب، فخرج قسيم الدولة إلى خدمته، ودخل في طاعته، وأرسل إلى ياغيسيان (٤) - صاحب أنطاكيه -، وبزان - صاحب الرّها - وأشار عليهما بالدخول في طاعة السلطان تاج الدولة حتى يروا ما يكون من أولاد السلطان ملكشاه،


(١) في الأصل: «منه»، والتصحيح عن ابن الأثير.
(٢) أنظر أخبار ابراهيم بن قريش بن بدران العقبلى التفصيلية من سنة ٤٨٢ إلى أن تمت عليه الهزيمة في هذه السنة ٤٨٥ في: (ابن الأثير: ج ١٠، ص ٩١).
(٣) في الأصل: «أخاه».
(٤) في الأصل: «باغى سيار»؛ أنظر ما فات، ص ١٩، هامش ٢

<<  <  ج: ص:  >  >>