للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأصبحوا يوم السبت الخامس والعشرين من ربيع الآخر على هيئتهم، وقد حاز المسلمون عنهم ماء البحيرة وراءهم، فلم يبق للفرنج إليه وصول، فاشتد بهم العطش، وفرغ ما معهم من الماء، وأخذتهم سهام المسلمين، وكثر فيهم الجراح، وقوى الحر، وسلبهم العطش القرار، وصاروا كلما حملوا ليتيسر لهم ورود الماء (١) صدّوا وردّوا، واستولى عليهم الأسر والقتل، فأووا إلى جبل حطّين ليعصمهم (٢) من البلاء بعد أن انهزم منهم طائفة، وتبعهم طائفة من المسلمين، فلم ينج منهم أحد.

وهرب القومص - لعنه الله - فلم ينجه إلا الهزيمة بحشاشة نفسه متوجها نحو صور (٣)، وتبعه جماعة من المسلمين، ولم يدركوه، وكفى الله المسلمين كيده.

وأحاط المسلمون بالباقين الذين اجتمعوا (٤) بجبل حطّين، وهى قرية عندها قبر شعيب النبى عليه السلام، وضايقوهم، وأشعلوا حولهم النيران في حلفاء كانت هناك، فارتفع لهبها، واجتمع عليهم حر الهاجرة وحر النار وحر العطش وألم الجراح، وحطوا خيامهم على ظهر التل، فعاجلهم المسلمون عن ضربها، واشتد الطعن والضرب، ودارت عليهم دائرة السوء، وعلموا أنه لا ينجيهم من الموت إلا الإقدام عليه، فحملوا على المسلمين حملات متداركة كادوا يزيلون المسلمين - على كثرتهم - عن مواضعهم، فثبّت الله أقدام المؤمنين ونصرهم، ولم يحمل العدو حملة إلا وقتل منهم وأسر جماعة، فوهنوا


(١) بهذا اللفظ نعود ثانية للمقابلة مع نسخة س وإنما في (ص ١٠ أ).
(٢) س: " ليمنعهم ".
(٣) س: " صفورية ".
(٤) س: " احتموا ".

<<  <  ج: ص:  >  >>