للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تاسع شهر رمضان، وخيّم بازاء السور، بعيدا منه على النهر؛ وصور مدينة حصينة، متوسطة (١) في البحر، وكان المركيس - لعنه الله - قد حفر لها خندقا من البحر إلى البحر، وبنى السور والبواشير وأحكم أمرها واستظهر بالعدد والعدد، واغتنم اشتغال السلطان بفتح البيت المقدس، فأقام السلطان على تلك الحال بالمنزلة ثلاثة عشر يوما، حتى تلاحقت به العساكر، وجاءته العدد والآلات، ورتب المنجنيقات.

ثم حوّل السلطان مضاربه إلى تل قريب من السور يشرف منه، ثم أخذ في محاصرة البلد، ووكّل كلّ واحد من الملوك بجانب يكفيه إياه، منهم: الملك العادل، والملك الأفضل، والملك المظفر؛ فحاصروهم وضايقوهم.

ووصل في تلك الأيام الملك الظاهر غازى - صاحب حلب - بعسكره، فاستظهر السلطان أبوه به، واستدعى الأصطول (٢) المصرى - وكان بعكا - فجاء منه عشرة شوانى (٣)، وكان للفرنج في البحر مراكب وشوانى، وفيها رماة الجرخ (٤)


(١) الأصل: " معظمها "، والتصحيح عن: (الروضتين، ج ٢، ص ١١٩).
(٢) كذا بالأصل، راجع ما فات هنا ص ١١، هامش ١
(٣) الأصل: " عشره أذراع شوانى "، ولشرح " شوانى " راجع ما فات هنا ص ١٣، هامش ١
(٤) لشرح هذا المصطلح راجع ما فات هنا ص ١٥٠، هامش ٣، هذا وقد عقد (الحسن بن عبد الله: آثار الأول في ترتيب الدول، ص ١٦٠) نصلا في صفة القسى والنشاب، أضاف فيه معلومات قيمة عن الشعوب التي تؤثر استعمال الجرخ، وعن المفاضلة بين الجرخ والقوس العقار، وأين يستعمل كل منهما، لأن قوس الجرخ يصنع من القرن، والعقار يصنع من الخشب، قال: " والمغاربة والفرنج يعانون قسى الجرخ، وهى أكثر نفعها من داخل السور وفى مراكب البحر، والقسى الجروخ القرن تصلح للقلاع، والعقاقير جميعها خشب، ما تصلح إلا في البحر، لأن هواء البحر يضر بالقرن ويفسده، والعقاقير الخشب ما تتغير فيه، وقليل أن تخطى سهام الجروخ إذا كان الرامى بها عارفا حاذقا ".

<<  <  ج: ص:  >  >>