للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتارس (١) ونابل، فما أثر ذلك فىّ نقصهم ولا أرث إلا نار حرصهم، وليس هذا العدو بواحد فينجح فيه التدبير ويأتى عليه التدمير، وإنما هو كلّ من وراء البحر، وجميع من في ديار الكفر، فإنه لم يبق لهم مدينة ولا بلدة ولا جزيرة، ولا خطة صغيرة ولا كبيرة إلا جهّزت مراكبها، وأنهضت كتائبها، وتحرك ساكنها، وبرز كامنها، وثار ثائرها، (٢) وسار سائرها (٢)، وطار طائرها، ونقضت خزائنها، وانفضت معادنها، وحملت ذخائرها، وبذلت أخائرها (٣)، ونثلت كنائن كنائسها، واستخرجت دفائن نقائسها، وخرج بصلبانها أساقفها وبطاركها، وغصت بالأفواج فجاجها ومسالكها، وتصلبت للصليب السليب، وتعصبت للمصاب المصيب، ونادوا في نواديهم بأن البلاد بلادهم، وأن إخوانهم بالقدس أبارهم (٤) الإسلام وأبادهم، وأنه من خرج من بيته مهاجرا لحرب الإسلام وهبت له ذنوبه، وذهبت عنه عيوبه، ومن عجز عن السفر سفّر من يقاتل عوضه، أو يعين بماله وعدته قدره، فجاءوا لابسين الحديد بعد أن كانوا لابسين الحداد، وتواصلت منهم الأمداد».

وورد على السلطان من عز الدين مسعود بن مودود - صاحب الموصل - أحمال من النفط الأبيض، ومن التراس والرماح، ومن كل جنس أحكمه وأقومه وأجوده.

قال: وكتب إليه السلطان:

«ووصل السلاح، وتم الإسلام من قروح الكفر الاقتراح، فإن الحرب المتطاولة [٣٤٨] المدد أتت على جميع العدد، ومن العجب أن العدة تفنى وما تفنى العداة؛ وتنمو على الحصاد كأنها النبات؛ فالبحر يمدهم؛ والكفر إلى الردى يردهم».


(١) هذا اللفظ غير موجود في س ولا في نص الروضتين.
(٢) هذان اللفظان ساقطان من س.
(٣) الأصل: «أجايرها»، وما هنا عن الروضتين.
(٤) الأصل: «أثارهم» وما هنا عن الروضتين.

<<  <  ج: ص:  >  >>