للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان شاب من أهل دمشق يقال له على، ابن عريف النحاسين مولعا بجمع آلات الزرّاقين وتحصيل عقاقيرها [فوعد السلطان صلاح الدين بإحراقها، ففرح بذلك ووعده بكل جميل] (١)، فدخل إلى عكا بعد أن حصل من الأدوية التي يعرفها ما يحتاج إليه، فطبخ الأدوية من النفط في قدور من النحاس حتى صار الجميع كأنه جمرة نار، ورمى إحدى الأبراج، وذلك يوم السبت لليلتين بقيتا من ربيع الأول، وهو يوم وصول الملك الظاهر، فاشتعل البرج من ساعته، وصار كالجبل العظيم من النار طالعة ذوائبها نحو السماء، فاستغاث المسلمون وضجّوا بالتكبير والتهليل، ثم رمى الثانى بالقدر الثانية، والثالث بالثالثة، فأحرق الثلاثة.

وذكر العماد:

أنه رمى الأبراج أولا بقدور نفط خالية من النار، حتى عرف أنه سقاها ورواها، ثم رماها بالقدور المحرقة، فتسلطت النار على طبقات الأبراج، وذكر أنه احترق في البرج الأول سبعون (٢) فارسا بعدتهم، واشتد سرور المسلمين بهذا الفتح.

وحمل الزرّاق إلى السلطان [فأعطاه شيئا كثيرا] (٣)، فلم يقبل عطاه وقال:

«هذا عملته لله، فما أريد من سواه جزاء»، [(٣) فأوقف السلطان عليه قرية من خيار قرى دمشق] (٣)، وخرج أهل عكا من البلد، فطفوا النار، وسدوا الثغر، وجاءوا إلى مواضع الأبراج فاستخرجوا حديدها، وما وجدوا من الزرديات والعدد التي سلمت فأخذوها.


(١) ما بين الحاصرتين زيادة عن س (ص ٩٧ أ).
(٢) س: «تسعون» وما هنا يتفق ونص العماد (الروضتين، ج ٢، ص ١٥٤) وبعد هذا اللفظ في س: «وكذلك في الثانى والثالث أعظم من ذلك».
(٣) ما بين الحاصرتين زيادة عن س.

<<  <  ج: ص:  >  >>