للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونفذوا إليه هدايا، وطلبوا الهدنة منة، فهادنهم، [فبقوا في بلاده مدة، ولم يؤذوا أحدا منها، وتقوّوا بعد ذلك بما أرادوا من بلاده] (١) من العدة والأزواد، وبعث قلج أرسلان وابنه إلى السلطان يعتذران من تمكينهم إياه من العبور، وأنهم غلبوا على ذلك.

ثم طلب ملك الألمان من قلج أرسلان إنفاذ جماعة من الأمراء معهم تمنعهم من لصوص التركمان حتى يصلوا إلى بلاد الأرمن، فنفذ معهم خمسة وعشرين أميرا، وكان ذلك موافقا لغرض قطب الدين، لأنه كان كارها لجماعة من المقدمين، فتقدم إليهم بأن يكونوا في صحبة ملك الألمان، [فساروا معه] (٢) فما قدروا على منع اللصوص والسراق، فغضب عليهم ملك الألمان، وقيدهم بعد أن أخذ كل ما كان معهم، ثم منهم من خلص بعد ذلك، ومنهم من مات في الأسر.

ووصل ملك الألمان إلى بلاد الأرمن، ومقدمهم لافون بن اصطفانه بن لاون، فوصل إلى خدمة ملك الألمان، ودخل في طاعته، وأقام لهم الإقامات والعلوفات، وهداهم الطريق، فنزلوا بطرسوس، وأقاموا بها أياما ليريحوا أنفسهم، فعنّ لملك الألمان أن يسبح في النهر، فسبح فعرض له مرض شديد أداه إلى الموت، وأراح الله المسلمين منه.

وذكر في سبب هلاكه أنه لما عبرت جموعه (٣) النهر ازدحموا والتطم الموج بهم، واقتحموا، فطلب الملك موضعا يعبر فيه وحده، فدخل في مخاضة قوية الجرية فاختطفه سورة الماء إلى شجرة شجت رأسه، فاستخرجوه وهو في آخر رمق، فهلك عن قرب.


(١) الأصل،. فتقووا بمن بلاده بما أرادوا من العدة الأزواد» وهى جملة مضطربة الم‍عنى وما بين الحاصرتين نص س وهو أصح.
(٢) ما بين الحاصرتين عن س (٩٨ ب).
(٣) الأصل: «جموعهم» والتصحيح عن س.

<<  <  ج: ص:  >  >>