للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بزىّ الفرنج، وحلقوا لحاهم، ووضعوا الخنازير على سطح البطشة، وعلقوا الصلبان وجاءوا قاصدين إلى البلد حتى خالطوا مراكب العدو، فخرجوا عليهم واعترضوهم في الحراقات (١) والشوانى، وقالوا لهم:

" نراكم قاصدين البلد " واعتقدوا أنهم منهم، فقالوا: " أو لم تكونوا قد أخذتم البلد؟ " فقالوا: " لا، لم نأخذ البلد بعد " فقالوا: " نحن نرد القلوع إلى العسكر وورانا بطشة أخرى في هوائنا، فأنذروهم حتى لا يدخلوا البلد ".

وكان وراءهم بطشة أفرنجية قد اتفقت معهم في البحر قاصدة إلى العسكر، فنظروا فرأوها، فقصدوها لينذروها، واشتدت البطشة الإسلامية في السير، واستقامت لها الريح حتى دخلت ميناء البلد، واشتد الفرح والسرور بذلك، وكان ذلك في العشر الآخر من رجب.

ولما كان العشر الأول [٣٦٤] من شعبان كتب الأمير بهاء الدين قراقوش - وهو والى البلد -، والحاجب لؤلؤ - وهو مقدم الأسطول - يذكران للسلطان أنه لم يبق بالبلد ميرة إلا قدر ما يكفى البلد إلى ليلة النصف من شعبان، فكتم السلطان ذلك لئلا يسمع (٢) الأمر، وقد كان كتب إلى مصر بتجهيز ثلاث


(١) الحراقة (والجمع: حراقات وحراريق) نوع من السفن الحربية التي استعملها المسلمون في العصور الوسطى، عرفها صاحب (محيط المحيط) وصاحب (تاج العروس) بأنها سفن بالبصرة فيها مرامى نيران يرمى بها العدو، وذكرها (ابن مماتى: قوابين الدواوين) فقال أنها أصغر من الشينى، وأنها تسير بنحو مائة مجذاف. والنصوص المختلفة تفيد أن هذا النوع من السفن الحربية كان يستعمل بكثرة في مياه البحر الأبيض المتوسط وفى نهر النيل إبان الحروب الصليبية. أنظر: (المقريزى، ج ١ ص ٣٥١ - ٣٥٢ و ٣٥٨) و (البتانونى: رحلة الأندلس، ص ١٤١) و (على مبارك: الخطط التوفيقية، ج ٦٤، ص ٨١ - ٨٢)، وهناك نصوص أخرى تفيد أن هذا اللفظ كان يطلق على نوع من السفن الصغيرة المستعملة للنزهة والنقل في مياه نهر دجلة في العصر العباسى. انظر مثلا: (البلوى: سيرة أحمد بن طولون، نشر كرد على، ص ٢٩١) و (هلال الصابى: تاريخ الوزراء، ص ١٩) وراجع أيضا: (Kindermann;Schiff im A - abischen . P. ٢٢ - ٢٣)
و (الشيال: معجم السفن الحربية، مخطوطة لم تنشر بعد).
(٢) س (١٠٣ ب): «يشيع».

<<  <  ج: ص:  >  >>