للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما قرأ هذا البيت لم يراجع السلطان بعدها بكلمة في المعنى.

واستطال معز (١) الدين سنجر شاه بن سيف الدين غازى بن مودود بن زنكى - صاحب الجزيرة - المقام، ودخل يوم عيد الفطر على السلطان فقبّل يده، وودّعه من غير سابقة الاستئذان، فغضب السلطان من ذلك، ثم خرج معز (١) الدين، وسار من ساعته وتبعه أصحابه.

وذكر القاضى بهاء الدين:

أن رقاعه كانت قد ترددت إلى السلطان في طلب الدستور، واعتذر إليه السلطان بأن رسل العدو متكررة في طلب الصلح، ولا يجوز أن تنفضّ العساكر حتى تتبين على ماذا ينفصل الحال من سلم أو حرب.

ولما ودّع السلطان وانفصل، كتب إليه:

" إنك أنت قصدت الانتماء إلىّ ابتداء، وراجعتنى في ذلك مرارا، وأظهرت الخيفة على نفسك وبلدك من أهلك، فقبلتك وأوتيك ونصرتك، فبسطت يدك في أموال الناس ودمائهم وأعراضهم، فنفذت إليك ونهيتك عن ذلك مرارا، فلم تنته، فاتفق وقوع هذه الواقعة للإسلام، فدعوناك فأتيت بعسكر قد عرفته وعرفه الناس، وأقمت هذه المديدة، [٣٧٠] وقلقت هذا القلق، وتحركت بهذه الحركة، وانصرفت، من غير طيب نفس، وغير فصال حال من العدو، فانظر لنفسك، وأبصر من تنتمى إليه غيرى، واحفظ نفسك ممن يقصدك، فما بقى إلى جانبك التفات "

وسلم الكتاب إلى نجاب فلحقه قريبا من طبرية، فقرأ الكتاب ولم يلتفت، وسار فلقيه الملك المظفر وهو متوجه إلى السلطان عند عقبة فيق، فأخبره بأمره،


(١) الأصل: " معين الدين "، والتصحيح عن العماد (الروضتين، ج ٢، ص ١٦٥) وس ١٠٦ ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>