للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن قراجا - صاحب حمص - فحسّن لعماد الدين الغدر ببهاء الدين سونج، والقبض عليه وعلى أصحابه، وأخذ حماة (١)، ففعل ذلك، وارتكب أمرا قبيحا أنكره الناس عليه، ولا شىء أقبح من الغدر؛ [٢٤] ولما عزم على تلك الفعلة الشنعاء استفتى الفقهاء في ذلك، فأفتاه منهم من لا دين له، وجوّز له ما لا يحل ولا يحسن شرعا وعرفا، فقبض على بهاء الدين وعلى جماعته، وأنهب الخيل والخيم، وقبض على جميع أصحابه، واعتقل الأمراء بالقلعة والجند بحلب.

ثم سار في العشر الأول من شوال إلى حماة وتسلمها، ثم غدر بصمصام الدين خترخان، وسيّره إلى حلب، وحبس بقلعتها.

وسار إلى حمص فنازلها، وطلب عماد الدين من أولاد صمصام الدين خترخان تسليم قلعة حمص، فامتنعوا، فألحّ في حصارها، ونقب النقابون القلعة، فبطل عليهم النقب، وأمر بنصب المجانيق عليها فبطلت، وطالت مدة الحصار، وهجم الشتاء، فعاد بالعسكر إلى حلب، وترددت الرسل بين تاج الملوك بورى - صاحب دمشق - وعماد الدين زنكى في إطلاق ولده بهاء الدين سونج وأصحابه، فاستقر الأمر على خمسين ألف دينار، فأجاب تاج الملوك إلى حملها، ولم ينتظم بينهم أمر.

وفى منتصف ذى الحجة من هذه السنة سيّر عماد الدين زنكى ألفى فارس، وهجمت معرّة مصرين (٢) - وهى للفرنج - ونهبت وقتل من فيها، وشنّ الغارة على تل


(١) حديث ابن واصل هنا عن أخذ عماد الدين لحماة فيه إسهاب وتفصيل أكثر مما ورد في المراجع المختلفة المتداولة في هذه الحواشى كابن القلانسى وابن الأثير وأبى الفدا. . . الخ ولا عجب فحماة وطن ابن واصل ومسقط رأسه، وسنلاحظ عنايته الدائبة بذكر تاريخها مفصلا كلما ورد ذكرها فيما يلى.
(٢) ضبطت بعد مراجعة (ياقوت: معجم البلدان) حيث ذكر أنها بليدة وكورة بنواحى حلب ومن أعمالها، بينهما نحو خمسة فراسخ؛ أنظر أيضا: (ابن الشحنة: الدر المنتخب، الصفحات المذكورة بالفهرس).

<<  <  ج: ص:  >  >>