للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدنيا ما تخلعه الأنوار على الظلم؛ وعدمت نظراؤه بما وجد من محاسنه التي فاق بها ملوك العرب والعجم، وانتقم الله به ممن ظلم نفسه وإن ظنّ الناس أنه ظلم، وذاد عن موارد أمير المؤمنين من هو [منه] أولى بها ويأبى الله سبحانه وتعالى إلا إمضاء ما حتم، ورام إخفاء فضائله وهل يشتهر طيب المسك إلا إذا اكتتم، مؤيد أمير المؤمنين بإمام أقرّ الله به عينهم، وقضى على يده من نصرة الدين دينهم:

{" لَوْ أَنْفَقْتَ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ما أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلكِنَّ اللهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ "} (١)

والحمد لله الذى خصّ جدّنا محمدا بشرف الاصطفاء والاجتباء، وأنهضه من الرسالة بأثقل الأعباء، وذخر له من شرف المقام المحمود أشرف الأنصباء، وأقام به القسطاس، وطهّر به من الأدناس؛ وأيّده بالصابرين في البأساء والضراء وحين الباس، [٨٢] وألبس شريعته من مكارم الأفعال والأقوال أحسن لباس، وجعل النور ساريا منه في عقبه لا ينقصه كثرة الاقتباس: {" ذلِكَ مِنْ فَضْلِ اللهِ عَلَيْنا وَعَلَى النّاسِ "} (٢).

والحمد لله الذى اختار أمير المؤمنين لأن يقوم في أمته مقامه، وهدى بمراشد نوره إلى طرق دار المقامه، وأوضح به منار الحق وأعلامه؛ وجعله شهيد عصره، وحجة أمره، وباب رزقه، وسبيل حقه، وشفيع أوليائه، والمستجار من الخطوب بلوائه، والمضمونة لذويه العقبى، والمسئول له الأجر في القربى، والمفترض الطاعة على كل مكلّف، والغاية التي لا يقصر عنها بولائه إلا من تأخّر في مضمار النجاة وتخلّف، والمشفوع الذكر بالصلاة والتسليم، والهادى إلى الحق وإلى طريق مستقيم، لا يقبل عمل إلا بخفارة ولائه، ولا يضلّ من استضاء بأنجم هدايته اللامعه، ولا دين إلا به ولا دنيا إلا معه،


(١) السورة ٨ (الأنفال)، الآية ٦٣ (م).
(٢) سورة ١٢ (يوسف)، الآية ٣٨ (ك)

<<  <  ج: ص:  >  >>