نصره، وأظهر له من المعجزات التي لا يخلو منها زمن، وظاهر له من الكرامات، التي زادت على أمنية كل متمن، وأتمنه عليه من أسرار النبوة التي رآه الله تعالى لها أشرف مودع وعليها أكرم مؤتمن؛ وأجرى عليه دولته من تذليل الصعاب وتسهيل الطلاب، وتفليل أحزاب الشرك إذا اجتمعوا كما اجتمع على جده - صلى الله عليهم وسلم - أهل الأحزاب، يواصل شكر هذه النعم التوام، ويعرف بعوارفها الفرادى والتؤام، ويقدم بين يدى كل عمل رغبة إليه في إيضاح المراشد، ونية لا تضل عنها الهداية ولا سيما وهو الناشد، ويستخيره عالما أنه يقدّم إليه أسباب الخير، ويناجيه فيطلعه الإلهام على ما يحلى السير ويجلى الغير؛ ويأخذ بيد الله حقّه إذا اغتصبت حقوقه، ويستنجد بالله إذا استبيح خلافه واستجيز عقوقه؛ ويفزع إلى الله تعالى إذا قرع الضائر، ويثق بوعد الله تعالى إذا استهلكت الشّبه البصائر؛ فما اعترض ليل كربة إلا انصدع [٨٤] له عن فجر وضّاح، ولا اننقض عقد غادر إلا عاجله الله سبحانه بأمر فضّاح؛ ولا انقطعت سبل نصرة إلا وصلها الله تعالى بمن يرسله ولا انصدعت عصا ألفة إلا تدارك الله تعالى بمن يجردّه تجريد الصّفاح.
وإذا عدّد أمير المؤمنين هذه النعم الجسيمة، والمنح الكريمة؛ واللطائف العظيمة، والعوارف العميمة، والآيات المعلومة، والكفايات المحتومة، والعادات المنظومة، كنت أيها السيد الأجل - أدام الله قدرتك، وأعلى كلمتك - أعظم نعم الله تعالى أثرا، وأعلاها خطرا، وأقضاها للامة وطرا؛ وأحقها بأن تسمى نعمة، وأجدرها بأن تعدّ رحمة، وأسماها أن تكشف غمّة، وأنضاها في سبيل الله سبحانه عزمه؛ وأمضاها على الأعداء حدّا، وأبداها في الجهاد جدّا، وأعداها على الأعداء يدا، وأحسنها فعلا لليوم وأرجاها غدا؛ وأفرجها للازمة وقد كادت الأمة تصير سدى، وأحق الأولياء بأن يدعى للأولياء سيدا، وأبقاهم فعلة لا ينصرم فعلها الذى بدا أبدا.