وتقوى الله سبحانه: فهى وإن كانت لك عاده، وسبيل لاحب إلى السعادة، فإنها أولى الوصايا بأن تتيمن باستفتاحها، وأحقّ القضايا بأن تبتدئ الأمور بصلاحها، فاجعل تقوى الله أمامك، وعامل بها ربّك وإمامك، واستنجح بها عواقبك ومباديك، وقاتل بها أضدادك وأعاديك، قال الله سبحانه في كتابه المكنون: {" يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اِتَّقُوا اللهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاِتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ "} (١).
والعساكر المنصورة: فهم الذين غذوا بولاء أمير المؤمنين ونعمه، وربّوا في حجور فضله وكرمه، واجتاحهم من لم يحسن لهم النظر، واستباحهم بأيدى من أضرّ لما أصر، وطالما شهدوا المواقف ففرّجوها، واصطلوا المخاوف وتولجوها، وقارعوا [٨٩] الكفّار مسارعين للأعنّه، مقدمين مع الأسنّة، مجرين إلى غايتين: إما إلى النصر وإما إلى الجنة، ودبّروا الولايات فسددوا، وتقلدوا الأعمال فيما تقلدوا.
وأحسن لهم السياسة التي تجعل أيديهم على الطاعة متفقة، وعزائمهم في مناضلة أعداء الدين مستبقه، وأجرهم على العادات في تقليد الولايات، واستكفهم لما هم أهله من مهمات التصرفات، وميّز أكابرهم تمييز الناظر بالحقائق، واستنهضهم في الجهاد فهذا المضمار وأنت السابق، وقم في الله تعالى أنت ومن معك فقد رفعت الموانع والعوائق، ليقذف الله بالحق الذى نصرته على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق.
والشرع الشريف: فأنت كافل قضاته، وهادى دعاته، وهو منار الله تعالى الأرفع، ويده التي تمنع الظلم وتدفع، فقم في حفظ نظامه، وتنفيذ أحكامه، وإقامة حدوده، وإمضاء عقوده، وتشييد أساس الدعوة وبنائها، وتمييز