ولو بزقت عليهم بازقة غربية لأغرقهم طوفانها، ولو طلعت عليهم جارية بحرية لنعقت قيهم بالشتات غربانها.
وما رأينا أهلا لهذه العزمة إلا حضرة سيدنا أدام الله صدق محبة الخير فيه، إذ كان منحه عادة في الرضى به وقدرة على الإجابه، ورغبة في الإنابه، ولاية لأمر المسلمين، ورياسة للدنيا والدين، وقياما لسلطان التوحيد القائم بالموحّدين، وغضبا لله ولدينه، وبذلا لمذخوره في الذبّ عنه دون ما عوده.
والآن فقد خلا الإسلام بملائكته، لما خلا الكفر بشياطينه، وما أجلت السوابق إلا لإطلاقها، ولا أثلت الذخائر إلا لإنفاقها، وقد استشرف المسلمون طلوعها من جهته المحروسة جارا من الأساطيل تغشى البحار، وليالى من المراكب تركب من البحر النهار، وإذا خفقت قلوعها خفقت للقلاع قلوب، وإذا تجافت جنوبها عن الموج تجافت من الملاعين جنوب؛ فهى بين ثغر كفر تعتقله وتحصره، وبين ثغر إسلام تفرج عنه وتنصره، يكون بها مصائب عند المسلمين (؟) وتظل قلائد المشركين لغربان بحره طرائد، ويمضى سيف الله الذى لا يعدم في كل زمان فيعلم معه أن سيف الله خالد.
أعز الله الإسلام بما يزيد حضرة سيدنا من عزها، فيما مد عليها من ظلها، وبما يسكنه من حرزها، فيما يبسط على الأعداء بها من بأسها، وينزل بهم من رجزها، وبما يجرده من سيوفها، التي تقطع في الكفر قبل سلها وهزها.
وقد أوفدناه على باب حضرة سيدنا، وهو الداعى المسمع، والمبلغ المقنع، والمجمع المستجمع؛ علمناه أمرا يسرا، وبوأناه الصدر فكان وجها، وأودعناه السّر فكان صدرا.