ولا على أهل بيتى، وفى دار الخلافة جماعة، فاعتمدوا على شيخ منهم صاحب عقل ورأى وتدبير، يلزم نفسه ما يجب من طاعتنا، ولا يخرج من داره؛ ولا تعرّجوا عن هارون بن المقتدى بأمر الله، فهو شيخ كبير، ولا يرى الفتنة، وقد أشار به عمى سنجر».
وكان في دار الخلافة في ذلك الوقت سبعة من أولاد المقتدى بأمر الله، وهم أعمام المسترشد بالله بن المستظهر بالله بن المقتدى بأمر الله، وبقى من السبعة من هو حى إلى سنة نيف وخمسين وخمسمائة؛ وكان في الدار من أولاد المستظهر بالله - أخوة المسترشد بالله - سبعة، وهم: الأمير أبو عبد الله محمد، وأبو طالب، وأبو نصر، وأبو القسم، وأبو على، وإسماعيل، ويحيى؛ ولهم أولاد جماعة؛ وكان للمسترشد أولاد جماعة، منهم الراشد بالله؛ وللراشد نيف وعشرون ولدا، أكبرهم [٣٦] حملت أمه به وعمر الراشد تسع سنين، وهذا من أعجب الأشياء؛ فحكى عن من كان يدخل إلى دار الخلافة، ويطلع على أسرارهم أن الخليفة المسترشد أعطى لولده الراشد - وعمره أقل من تسع سنين - عدة جوار، وأمرهن أن يلاعبنه ويمكّنه من أنفسهن، وكان فيهن جارية صفراء حبشية، فحملت من الراشد، فلما ظهر الحمل، وبلغ ذلك المسترشد أنكره، فأحضرها وتهددها، فقالت:«والله ما تقدم إلىّ سواه، وأنه قد بلغ الحلم»، فسأل عن ذلك بقية الجوارى، فقلن مثل ذلك؛ فأمر أن تحمّل الجارية قطنا، ثم وطئها الراشد، فلما قام عنها أخرج القطن والمنى عليه، وفعل ذلك ببقية الجوارى، فخرج وعليه المنى، ففرح المسترشد بذلك، ووضعت الجارية ابنا، فسماه المسترشد «أمير الجيش»، وسر به سرورا شديدا.
وهذا لم يسمع بمثله إلا في الحجاز، فإنه قيل إن نساء تهامة يحضن لتسع، وتبلغ صبيانها لتسع، وروى أن عمرو بن العاص كان أكبر من ابنه عبد الله بإثنى عشر.