للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالتنفير من الملك العزيز وتخويفهم منه واستمالتهم إليه، فاستوحش الملك العزيز من الأسدية واستوحشوا منه، فكانوا إذا لقوه عرفوا في وجهه التنكر، وعرف في وجوههم مثله، وتمادى الأمر إلى أن تمكن الخوف منه في قلوبهم والخوف منهم في قلبه، ولما تمكن الاستيحاش منهم، عزموا على مفارقته وحسّنوا ذلك للأكراد المهرانية فوافقوهم (١) عليه.

وكان مقدم الأمراء الأكراد حسام الدين أبا الهيجاء السمين، وما كان يظن الملك العزيز أنه يحنث في يمينه، وأنه تصدر منه مخامرة عليه، فاجتمعت عليه الأمراء الأسدية وخوّفوه من الملك العزيز، ولم يزالوا به حتى أجابهم إلى مفارقته والانضمام إلى الملك العادل والملك الأفضل، ولما اتفقوا على ذلك، عزموا على مضايقة الملك العزيز واتباعه في المنازل، وأن يكاتبوا نوّابهم وأصحابهم بالقاهرة ليستقبلوه ويحولوا بينه وبين القاهرة، ويكونوا هم والملك العادل والملك الأفضل خلفه، فيؤخذ أخذا باليد (١٥ ا) وتنتزع منه البلاد؛ فلما كانت عشية اليوم الرابع من شوال من هذه السنة، رحل الأمير حسام الدين أبو الهيجاء السمين والأكراد المهرانية والأسدية رحلة واحدة بعد دخول الليل وهم لا بسون عدة الحرب.

وكان الأمير هكندرى (٢) - وهو أكبر الأمراء الحميدية - محالفا لهم ومعاقدا، فجاء إلى الملك العزيز وأخبره بما اجتمع عليه الفوم، فما تحلحل الملك العزيز ولا تزعزع من مكانه، ولا أظهر ارتياعا لما وقع من هذه الحادثة، بل ثبت مكانه واستقر، فقالت له الأمراء الصلاحية:


(١) (ك): «فوافقوا منهم عليه».
(٢) كذا في الأصل وفى (ك)، ولم أجد له ذكرا في المراجع المعروفة المنداولة هنا في حواشى هذا الكتاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>