للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السمين إلى الملك العادل يحثه على سرعة (١) الرحيل إلى الديار المصرية، ويخبره أن الملك العزيز قد فارقه أكثر العسكر وهو في جمع قليل، فإن لم يسرع النهضة خلفه بالعساكر فات المقصود، وإن بادر بالنهضة هو والملك الأفضل ومن معهما من العساكر، ساعدوهما على اللحاق به وإدراكه (٢) قبل أن يصل إلى مقر ملكه، وانتزعوا البلاد منه وسلموها إلى الملك العادل والملك الأفضل، فاستدعى الملك العادل الملك الأفضل وجلسا خلوة، وتوثق كل واحد منهما بصاحبه بالأيمان المؤكدة، فيقال إنهما اتفقا على أن يكون للملك العادل ثلث الديار لمصرية، وثلثاها للملك الأفضل، ولما وقع الاتفاق بين الملكين على هذا الأمر، ضربت كوسات (٣) الملك العادل، ونفّرت بوفاته، ونشرت راياته، وبرز في عساكره متوجها في ساعته في عساكره وجموعه إلى الديار المصرية، وأصبح الملك الأفضل يوم الأربعاء غد ذلك اليوم راحلا في جموعه وحشده، واجتمع الملكان بالعسكر الخارجين على الملك العزيز، واتفقت كلمتهم، ورحلوا كلهم طالبين الديار المصرية.

وكانت الأسدية قد حرصت على الجد في السير ليسبقوا الملك العزيز إلى مصر فلم يقدروا، واجتهدوا في أن يدركوه فلم يصلوا إلى ذلك وسبقهم (٤) إليها، فأمرهم الملك العادل بالتثبت، وأخبرهم أن الغرض المقصود ما يفوت.


(١) (ك): «مسارعة».
(٢) (ك): «فبادروا إليه قبل أن يصل. . .».
(٣) عرف (القلقشندى: صبح الأعشى، ج ٤، ص ٩) الكوسات بقوله: «وهى صنوجات من نحاس شبه التّرس الصغير، يدق بأحدها على الآخر بايقاع خاص، ومع ذلك طبول وشبّابه، يدق بها مرتين في القلعة في كل ليلة، ويدار بها في جوانبها مرة بعد العشاء الآخرة، ومرة قبل التسبيح على الموادن، وتسمي الدورة بذلك في القلعة، وكذلك إذا كان السلطان في السفر تدور حول خيامه» ويقال للذى يضرب بالبوق المنفّر، وللذى يضرب بالصنوج النحاس بعضها على بعض الكوسى (نفس المرجع، ص ١٣).
(٤) (ك): «وأسبقهم».

<<  <  ج: ص:  >  >>