(٢) كان مجاهد الدين قايماز من الحكام البنائين المحبين للعمران، وقد أقام في الموصل منشآت دينية وعلمية وخيرية كثيرة، منها: الجامع والمارستان والجسر، والرباط، ومكتب الأيتام، والمدرسة، وكلها تنسب إليه رتسمي باسمه، فيقال الجامع المجاهدى، والمدرسة المجاهدية والرباط المجاهدى. . . الخ وقد بدئ في بناء الجامع المجاهدى في سنة ٥٧٢ هـ، وباشر البناء مهرة البنائين والفنانين وصرفت عليه مبالغ طائلة، وأقيمت فيه صلاة الجمعة في سنة ٥٧٥ قبل أن تكمل عمارة مرافقة، وتم بناؤه في سنة ٥٧٦ وقد زين الجامع بزخارف وكتابات جميلة بعضها بالجبس، والبعض الآخر بالآجر وبالمرمر المطعم بالصدف. وقد زار الرحالة المعروف ابن جبير مدينة الموصل في سنة ٥٨٠ هـ وصلى في هذا الجامع، ووصفه وصفا رائعا، قال: «وأحدث فيه بعض أمراء البلدة - وكان يعرف بمجاهد الدين - جامعا على شط دجلة ما أرى وضع جامع أحفل منه بناء، يقصر الوصف عنه، وعن تزيينه وترتيبه، وكل ذلك في نقش الآجر، وأما مقصورته فنذكر بمقاصير الجنة، ويطيف به شبابيك حديد تتصل بها مصاطب تشرف على دجلة لا مقعد أشرف منها ولا أحسن. . . الخ» والجامع لا يزال موجودا حتى اليوم ويعرف بجامع الخضر أو الجامع الأحمر، ولكنه أصغر حجما مما كان عليه يوم بنى، وأجمل ما بقى منه محراب من العصر الأتابكى في أعلاه زخارف من الجيس فريدة في نوعها، فهي تتألف من زخارف نباتية تتخللها صور حيوانات كالأسد والغزال وطيور أليفة كالبط والحمام، متداخلة تداخلا كليا مع غيرها من الزخارف بصورة متناظرة بحيث تكون الصور متممة للزخارف النباتية ويصعب على الناظر تمييز ما فيها لأول وهلة. أنظر: (سعيد الديوه جي: الجامع المجاهدى في مختلف القصور، مجلة سومر، ١١/ ١٧٧ - ١٨٧) و (نفس المؤلف: الموصل في العهد الأتابكى، ص ١٣١ - ١٣٣) (٣) النص في (ك) موجز ومختلف عما هنا، وهو: «فصالح ابن عمه قطب الدين صاحب سنجار، واتفقا على إنجاد صاحب ماردين، ورحلوا وساروا، ونزلوا سفح جبل ماردين وكان الملك الكامل قد ضيق على أهل ماردين فوقعت الحرب بينه وبين المواصلة، فلم يثبت لهم وانهزم وأسر من أصحابه جماعة فأطلقهم نور الدين».