للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

على لفظ التصغير؛ وهي قرية جامعة بينها وبين المدينة سبعة عشر فرسخًا، ومن الرُّوَيْثَة إلى السقيا عشرة فراسخ، وعقبة العرج على أحد عشر ميلًا من الرُّوَيثة، وبينها وبين العرج ثلاثة أميال، وهي غير الرُّويثة؛ ماء لبني عجل بين طريق الكوفة والبصرة، ذكره ياقوت، كما في «عمدة القاري».

وقال الكرماني: (وفي بعض النُّسخ: «الرَّقْشة»؛ بفتح الرَّاء، وسكون القاف، وإعجام الشين)، وزعم الخطابي أنَّه اسم موضع، وردَّه إمام الشَّارحين: (بأنَّ البكري لم يذكر إلا الرقاش، وقال: هو بلد) انتهى.

قلت: وليس هناك بلاد ولا بلد تسمى بالرَّقشة، ولا موضع يسمى بهذا الاسم، فالظَّاهر أنَّه تصحيف.

وقال القاضي عياض: («دون الرُّوَيثة» تصحيف، والصَّواب: بعواسج عن يمينك)، قال العجلوني: (إن ثبتت به الرواية؛ فهو أولى) انتهى.

قلت: الرواة كلهم على الأول، ولم يذكر أحد منهم ذلك أصلًا، ولئن ثبت؛ فهو ليس بأولى؛ لأنَّ المكان جامع لقرًى شتى، ولم يتبين المكان بعينه، بل إنَّما وقعت القصة من نزوله عليه السَّلام عند الشجرة، وهي بين القرى، وأقربها قرية الرويثة، فلا عليك من كلام القاضي والعجلوني؛ فافهم.

(عن يمين الطريق) أي: لا عن شماله (ووُجاه)؛ بِضَمِّ الواو وكسرها؛ بمعنى: تجاه (الطريق)؛ أي: مقابلها، و (وجاه)؛ بالجر عطفًا على (يمين)، أو بالنصب على الظرفية (في مكان بَطِح)؛ بفتح الموحَّدة، وكسر الطاء المهملة وبسكونها؛ أي: واسع (سهل) أي: لا وعر فيه ولا حجارة (حتى)؛ بالمثناة فوق، وللأصيلي وأبي ذر: (حين)؛ بالتحتية والنُّون (يُفضي)؛ بِضَمِّ أوله التحتية وبالفاء، من الإفضاء؛ بمعنى الخروج، يقال: أفضيت؛ إذا خرجت إلى الفضاء، أو بمعنى الدفع؛ كقوله تعالى: {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِّنْ عَرَفَاتٍ} [البقرة: ١٩٨]، أو بمعنى الوصول، والضمير في (يفضي) يرجع إلى النَّبي الأعظم صلى الله عليه وسلم، ويجوز أن يرجع إلى المكان، كذا قرره إمام الشَّارحين.

وقال الكرماني: (وفي بعض النُّسخ بلفظ الخطاب) انتهى.

قلت: لم يعزها لأحد من الرواة، فالله أعلم بصحتها.

(من أَكَمة)؛ بفتح الهمزة والكاف؛ وهي التل العالي كما تقدم (دُوين)؛ بِضَمِّ الدَّال المهملة، مصغر الدُّون، وهو نقيض الفوق، ويقال: هو دون ذاك؛ أي: أقرب منه (بريد) هو المرتب واحدًا بعد واحد، والمراد به: موضع البريد، وقيل: المراد به: سكة الطريق (الرُّوَيثة) وسقط (البريد) لابن عساكر (بميلين)؛ يعني: بينه وبين المكان الذي ينزل فيه البريد بالرُّويثة ميلان، (وقد انكسر أعلاها)؛ أي: السَّرْحة، (فانثَنى)؛ بفتح المثلَّثة على صيغة المعلوم من الماضي؛ ومعناه: انعطف (في جوفها) أي: السَّرْحة (وهي قائمة على ساق)؛ أي: كالبنيان ليست متسعة من أسفل، ولا ضيقة من فوق (وفي ساقها كُثُب)؛ بضمتين، جمع كثيب؛ وهو الرمل المجتمع تلال كثيرة.

(وأنَّ عبد الله بن عمر) بفتح الهمزة معطوف على سابقه (حدَّثه) أي: حدَّث نافعًا بالإسناد المتقدم (أنَّ النَّبي) الأعظم (صلى الله عليه وسلم صلَّى) أي: الصبح أو غيره من فرض ونفل (في طرف تَلْعَة)؛ بفتح المثناة الفوقية، وسكون اللَّام، وفتح العين المهملة: هي أرض مرتفعة عريضة، يتردد فيها السيل، والتَّلْعَة: مجرى (١) الماء من أعلى الوادي، والتَّلعة: ما انهبط من الأرض، وقيل: هي مثل الرحبة، والجمع في كل ذلك: تلع وتلاع، وعن بعضهم: التَّلعة: أرض مرتفعة غليظة، وربما كانت على غلظها عريضة، وفي «الجامع» : (التَّلعة من الوادي: ما اتسع من فوقه، وقيل: هي مسيل من الأرض المرتفعة إلى بطن الوادي، فإن صغر عن ذلك؛ فهي شعبة، فإذا عَظُم فكان نصف الوادي؛ فهي الميثاء، قيل: والأصل في التَّلعة الارتفاع)، كذا في «عمدة القاري»، (من وراء العَرْج)؛ بفتح العين المهملة، وسكون الرَّاء، ثم جيم: قرية جامعة على طريق مكة من المدينة، بينها وبين الرُّويثة أربعة عشر ميلًا، قال السكوني: (المسجد النَّبوي على خمسة أميال من العَرْج وأنت ذاهب إلى الهضبة، عندها قبران أو ثلاثة، عليها زحم حجارة، قال كثير: إنَّما سمي العَرْج لتعريجه، وبين العرج إلى السقيا سبعة عشر ميلًا)، وقال ياقوت: (العَرْج: قرية جامعة من نواحي الطَّائف، والعَرْج: عقبة بين مكة والمدينة على جادة الطريق، تذكر مع السقيا، وسوق (٢) العَرْج: بلد بين المحالب والمهجم)، وقال الزمخشري: (العرج: واد بالطَّائف، والعرج أيضًا: منزل بين المدينة ومكة، وجاء فيه فتح الرَّاء أيضًا)، كذا قرره إمامنا الشَّارح.

(وأنت ذاهب إلى هَضْبَة)؛ بفتح الهاء، وسكون الضَّاد المعجمة، وفتح الموحَّدة؛ وهي الجبل المنبسط على وجه الأرض، وقال أبو زيد: (الهضبة من الجبال: ما طال واتسع وانفرد، وهي الهضبات والهضاب)، وعن سيبويه: (وقد قالوا: هضبة وهضب)، وقال صاحب «العين» : (الهضبة: كل جبل خلق من صخرة واحدة، وكل ضخرة ضخمة صلبة راسية تسمى هضبة)، وفي «الجامع» : (هي القطعة المرتفعة من أعلى الجبل)، وفي «المجمل» : (هي أكمة ملساء قليلة النبات)، وفي «المطالع» : (هي فوق الكثيب في الارتفاع ودون الجبل) انتهى.

(عند ذلك المسجد قبران أو ثلاثة على القبور رَضْم)؛ بفتح الرَّاء وسكون الضَّاد المعجمة، وللأصيلي: (رَضَم)؛ بفتحها (من حجارة)، قال الشَّارح: (الرضم: الحجارة البيض (٣)، والرضمة: الصخرة العظيمة مثل الجزور (٤)، وليست بثابتة، والجمع: رضم ورضام، ورَضَمَ الحجارة: جعل بعضها على بعض، وكل بناء بني بصخر: رضيم، ذكره ابن سيده، وفي «الجامع» : (ومرضوم) انتهى، (عن يمين الطريق)؛ أي: لا عن يساره، ولم يذكر أحد من الشراح أسماء أصحاب هذه القبور، والظَّاهر أنَّهم من قريش من الجاهلية (عند سَلِمات الطريق)؛ بفتح السين المهملة وكسر اللَّام، كذا في رواية أبي ذر والأصيلي، وفي رواية الباقين: بفتح اللَّام، قيل: هي بالكسر: الصخرات، وبالفتح: الشجرات، وقال أبو زياد: (من العضاه السلم: وهو سليب العيدان طولًا، يشبه القضبان، ليس له خشب وإن عظم، وله شوك دقاق طوال، حار إذا أصاب رِجل الإنسان، وكل شيء من السلمة مُرُّ يدبغ)، وقال غيره: السلمة: أطيب العضاه ريحًا، وبرمتها أطيب البرم ريحًا، وهي صفراء تؤكل، وقيل: ليس شجرة أذرى من سلمة، ولم يوجد في ذرى سلمة صرد قط، ويجمع على أسلام، وأرض مسلوماء؛ إذا كانت كثيرة السلم، وفي «الجامع» : (ويجمع أيضًا على سلامى) انتهى.

(بين أولئك السَّلِمات) وفي بعض النُّسخ: (من أولئك)، وهي في النُّسخة الأولى ظاهر التعلق بما قبله، وفي الثانية بما بعده، قاله الشَّارح، ومثله في «الكرماني»، قال العجلوني: (فتأمله) انتهى.

قلت: لا وجه للتأمل فيه، فإنَّ كلامه ظاهر لمن له أدنى ذوق في العلم؛ فافهم.

(كان عبد الله) أي: ابن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما (يروح) من الرواح؛ وهو الذهاب؛ يعني: يذهب (من العَرْج بعد أن تميل الشمس من الهاجرة) : متعلق بـ (يروح)؛


(١) في الأصل: (مجرد)، ولعل المثبت هو الصواب.
(٢) في الأصل: (وتسوق)، ولعل المثبت هو الصواب.
(٣) تكرر في الأصل: (والرضمة).
(٤) في الأصل: (الجرور)، وهو تصحيف.

<<  <   >  >>