عمل إلا إذا شحذ بموالاتهم، ولا يتألق صبح هداية إلا إذا استصبح السارى بدلالاتهم.
المملوك يقبل الأرض بمطالع الشرف ومنازله، ومرابع المجد ومعاقله؛ ومجالس الجود، ومحال السجود؛ ومختلف أنباء الرحمة المنزلة، ومرسى أطواد البسيطة المتزلزله؛ ومفتر مباسم الإمامة، ومجر مساحب الكرامة؛ ومكان جنوح أجنحة الملائك، ومشتجر مناسك المناسك، حيث يدخلون من كل باب مسلمين، ويتبعهم ملوك الأرض مستسلمين؛ ومشاهد الإسلام ليوم أنزل فيه اليوم «أكملت لكم دينكم». وينعقد على الولاية فأما غيره فله قوله:«قاتلوا الذين يلونكم».
ويناجيها بلسان جلى الإخلاص الصادق عقيدته، وأنشط الولاء السابق عقيلته، وأرهف الإيمان الناصع مضاربه، وفسح المعتقد الناصح مذاهبه، فأعرب عن خاطر لم يخطر فيه لغير الولاء خطره، وقلب أعانه على ورود الولاء [أن] صفاء المصافاة فيه خطره، ويخبر أنه ما وهن عما أوجبته آلاؤه ولا وهى، ولا انثنى عزمه عن أن يقف حيث أظلت سدرة المنتهى، ووضحت الآيات لأولى النهى.
والله سبحانه يزيل عنه في شرف المثول عوائق القدر وموانعه، ويكشف له عن قناع الأنوار التي ليست همته بما دون نظرها قانعة - وكان توجه منصورا بجيش دعائه قبل جيش لوائه، وبعسكر إقباله، قبل عسكر قتاله، وبنصال سلطانه، قبل نصال أجفانه، لا جرم أن كتائب الرعب سارت أمام الكتائب، وقواضب الحذر غمضت في جفونها عيون القواضب - وسار أولياء أمير المؤمنين الذين تجمعوا من كل أمة، وتداعوا بلسان النعمة، متواخية نياتهم في الإقدام، متألفة طوياتهم في طاعة الإمام، كالبنيان المرصوص انتظاما، وكالغاب الشجر أعلاما، وكالنهار المانع حديدا وهاجا، وكالليل الشامل عجاجا عجاجا، وكالنهر