فرضها واعظا؛ فيغتنم الاستعداد أمام أوقاتها للأداء، ويحترز من فواتها والحاجة إلى القضاء، موفّيا حقّها من الرّكوع والسّجود، على الوصف الواجب المحدود، مخلصا سرّه عند الدّخول فيها، وناهيا نفسه عمّا يصدّها بالأفكار ويلهيها، مجتهدا في نفى الفكر والوسواس من قلبه، منتصبا في إخلاص العبادة لربّه:
ليغدو بوصف الأبرار منعوتا، قال الله تعالى:({إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً.})
وأمره بقصد المساجد الجامعة في أيّام الجمع، امتثالا لأمر الله المتّبع، بعزيمة في الخير صادقة، ونيّة للعبادة موافقة، وفى الأعياد إلى المصلّيات المصحرة المجمّلة بالمنابر الحالية، التي هى عن الأدناس مطّهرة نائية، فإنّها من مواضع العبادة ومواطنها ومظانّ تلاوة القرآن المأمور بحفظ آدابها وسننها، فقد وصف الله تعالى من وفّقه لتحميل مؤنه بالعمارة، بما أوضح فيه الإشارة، وشرّفه بوضع سمة الإيمان عليه بالإكرام الفاخر، فقال:({إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ)} فيقيم الدعوة الهادية على المنابر على عادة من تقدّمه ومنتهيا فيها إلى أحسن ما عهده وعلمه.
وأمره بلزوم نزاهة الحرمات، واجتناب المحّرمات، والتحلىّ من العفاف والورع بأجمل القلائد الرائقة، والتقمصّ بملابس التقوى التي هى بأمثاله لاثقة؛ وسلوك مناهج الصّلاح الذى يجمل به فعله؛ ويصفو له علّه ونهله؛ وأن يمنع نفسه من الغضب؛ ويردّها عمّا تأمر به من سوء المكتسب؛ ويأخذها بآداب الله سبحانه في تهيها عن الهوى؛ وحملها على التقوى؛ وردعها عن التورط في المهاوى والشّبه وكلّ أمر يلتبس فيه الحقّ ويشتبه؛ ويلزمها الأخذ بالعفو والصّفح. والتأمل لمكان الأعمال فيه واللّمح؛ قال الله تعالى:({خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ.})