للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دولته معين الدين أنر، فطمع عماد الدين في البلد وزحف إليه زحفا شديدا ظنا منه أنه ربما يقع بين المقدمين والأمراء اختلاف، فيملك البلد، فخاب أمله، وراسل (١) معين الدين الفرنج، واستدعاهم إلى نصرته، وبذل لهم بذولا، ومن جملتها أنه يحصر بانياس ويأخذها ويسلمها إليهم، وخوّفهم من عماد الدين أنه إن ملك دمشق يملك البيت المقدس، ولا يترك لهم بلدا بالساحل؛ فأجمع (٢) الفرنج وعزموا على المسير إلى دمشق ليجتمعوا مع صاحبها على قتال عماد الدين زنكى، وعلم عماد الدين ذلك، فسار عماد الدين إلى حوران - خامس رمضان - عازما على لقاء الفرنج قبل أن يجتمعوا مع الدمشقيين على قتاله، فلما سمع (٢) الفرنج خبره لم يفارقوا بلادهم، فعاد عماد الدين إلى حصر دمشق، فنزل بعذرا (٣)، وذلك سادس (٤) شوال من هذه السنة، وأحرق عدة قرى من المرج [٥٢] والغوطة، ورحل عائدا إلى بلاده، ووصل الفرنج إلى دمشق، واجتمعوا بصاحبها.

وسار معين الدين بعسكر دمشق إلى بانياس - وهى في طاعة عماد الدين - ليحصرها ويسلمها إلى الفرنج، وكان صاحبها قد جمع جمعا، وسار إلى صور للغارة على بلده (٥)، فصادفه صاحب أنطاكية وهو قاصد إلى دمشق نجدة لصاحبها


(١) كان رسول معين الدين إلى الفرنج هو أسامة بن منقذ الشاعر المعروف، أرسله إلى فولك الخامس ملك بيت المقدس (١١٣١ - ١١٤٢)، وقد تقدم هذا الملك وحده أول الأمر لمساعدة معين الدين والدماشقة، فلما هزموا انضم إليهم ريمون صاحب أنطاكية وجوسلين الثانى صاحب الرها. أنظر: (حسن حبشى: نور الدين والصليبيون، ص ٢٩ - ٣٢، وما به من مراجع).
(٢) في س (٨ ا): «فاجتمعوا» و «سمعوا».
(٣) ذكر (ابن الأثير، ج ١١، ص ٢٨) أنها شمال دمشق.
(٤) كذا في الأصل وفى ابن الأثير، وفى (ابن القلانسى، ص ٢٧٢): «يوم الأربعاء لست بقين من شوال»
(٥) في الأصل، وفى س: «بلدها»، وهذا خطأ يعكس المعنى، وقد صحح بعد مراجعة (ابن الأثير، ج ١١، ص ٢٨) ونصه هناك واضح مفهوم وهو: (وكان واليها - أي والى بانياس - قد سار قبل ذلك منها بجمعة إلى مدينة صور للاغارة على بلاده).

<<  <  ج: ص:  >  >>