للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالأخذ بالميسور، من البلد المأسور، فإنه إن أخذ حربا فلا بد أن تقتحم الرجال الأنجاد، وتبذل أنفسها في آخر أمر قد نيل من أوله المراد؛ وكانت الجراح في العساكر قد تقدم منها ما اعتقل الفتكات، واعتاق الحركات، فقبل منهم المبذول عن يد وهم صاغرون، وانصرف أهل الحرب عن قدرة وهم ظاهرون؛ وملك الإسلام خطة كان عهده بها دمنة سكّان، فحدمها الكفر إلى أن صارت روضة جنان؛ لا جرم أن الله أخرجهم منها وأهبطهم، وأرضى أهل الحقّ وأسخطهم، فإنهم - خذلهم الله - حموها بالأسل والصّفاح [وبنوها بالعمد والصّفاح]، أودعوا الكنائس بها وبيوت الديوية والأستبارية منها كل غريبة من الرخام الذى يطّرد ماؤه، ولا يطرد لألاؤه، وقد لطف الحديد في تجزيعه، وتفنّن في توشيعه، إلى صار الحديد، الذى فيه بأس شديد، كالذهب الذى فيه نعيم عتيد، فما ترى إلا مقاعد كالرياض، لها من بياض الترخيم رقراق [وعمدا كالأشجار لها من التنبيت أوراق].

وأوعز الخادم بردّ الأقصى إلى عهده المعهود، وأقام له من الأئمة من يوفيه ورده المورود.

وأقيمت الخطبة يوم الجمعة رابع شهر شعبان فكادت السموات يتفطرن للسجوم لا للوجوم، والكواكب [منها] ينتثرن للطرب لا للوجوم، ورفعت إلى الله كلمة التوحيد، وكانت طرائقها مسدودة، وظهرت قبور الأنبياء وكانت بالنجاسات مكدودة؛ وأقيمت الخمس وكان التثليث يقعدها [وجهرت الألسن بالله أكبر وكان سحر الكفر يعقدها]، وجهر باسم أمير المؤمنين في وطنه الأشرف من المنبر، فرحّب به ترحيب من برّ بمن برّ، وخفق علماه في حفافيه، فلو طار به سرورا لطار بجناحيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>