أرضها لوقوف المسلمين فيها وطالما ارتجّت لمواقف الكافر، والبأس الإمامى الناصرى قد أمضى مشكاته على يد الخادم حتى بالدّنىّ في الكنائس، وإنّ عزّ أول الإسلام بحطّ تاج فارس، فكم حطّت سيوفه في هذا اليوم من تاج فارس.
فأما القتلى والأسارى فإنها تزيد على ثلاثين ألفا.
وأما فرسان الديوية والاسبتارية فقد أمضى الله حكمه فيهم وقطع بهم سيوف نار الجحيم، ووصّل الراحل منهم إلى الشقاء المقيم؛ وفتك بافرنس كافر الكفّار، ومشيّد النار، من يده في الإسلام كما كانت يد الكليم؛ وافتّرت النصرة عن ثغر عكّا بحمد الله الذى يسّر فتحها، وتسلمتها الملّة الإسلامية بالأمان وعرفت في هذه الصفقة ربحها.
وأما طبريّة فافترتها يد الحرب فأنهرت الحرب جرحها.
فالحمد لله حمدا لا تضرب عليه الحدود، ولا تزكى بأزكى منه العقود؛ وكأنه بالبيت المقدس وقددنا الأقصى من أقصاه، وبلّغ الله فيه الأمل الذى علم أن يحصيه وأحاط بأجلّه وأقصاه؛ لكل أجل كتاب، وأجل العدو هذه الكتائب الجامعة، ولكل عمل ثواب، وثواب من هدى لطاعته جنات نعيمه الواسعه؛ والله المشكور على ما وهب، والمسئول في إدامة ما استيقظ من جد الإسلام وهب.
وقد توجّه من جانبه الأمير رشيد الدين دام تأييده في إهداء هذه البشرى نيابة عن الخادم، ووصف ما يسّره الله لأوليائه من العزائم، والبلاد والمعاقل التي فتحت هى:«طبرية، عكا، الناصرة، صفوريّة، قيسارية، نابلس، حيفا، معليا، القزله، الطور، الشقيف، وقلاع بين هذه كثيرة».