- من يوم الخميس الثالث والعشرين من ربيع الآخر إلى يوم الخميس منسلخه - وتلك سبع ليال وثمانية أيام حسوما سخّرها الله على الكفار {فَتَرَى الْقَوْمَ فِيها صَرْعى كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ} ورايتها إلى الإسلام ضاحكة كما كانت من الكفر باكية.
فيوم الخميس الأول فتحت طبرية، وفاض رىّ النصر من بحيرتها، وقضت على جسرها الفرنج فقضت نحبها بحيرتها.
وفى يوم الجمعة والسبت كسر الفرنج الكسرة التي ما لهم بعدها قائمة، وأخذ الله أعداءه بأيدى أوليائه أخذ القرى وهى ظالمة.
وفى يوم الخميس منسلخ الشهر فتحت عكا بالأمان، ورفعت بها أعلام الإيمان؛ وهى أمّ البلاد، وأخت إرم ذات العماد؛ وقد أصبحت كأن لم تغن بالكفر وكأن لم تفتقر من الإسلام.
وقد أصدر هذه المطالعة وصليب الصلبوت مأسور، وقلب ملك الكفر الأسير جيشه المكسور مكسور؛ والحديد الكافر الذى كان في الكفر يضرب وجه الإسلام، وقد صار حديدا مسلما يفرّق خطوات الكفر عن الأقدام؛ وأنصار الصليب وكباره، وكلّ من المعمودية عمدته والدّير داره؛ وقد أحاطت به يد القبضه، وأخذ رهنا فلا تقبل فيه القناطير المقنطرة من الذهب والفضة؛ وطبرية قد رفعت أعلام الإسلام عليها، ونكصت من عكّا ملّة الكفر على عقبيها، وعمّرت إلى أن شهدت يوم الإسلام، وهو خير يوميها؛ بل ليس من أيام الكفر يوم فيه خير، وقد غسل عن بلاد الإسلام بدماء الشرك ما كان يتخللها فلا ضرر ولا ضيّر؛ وقد صارت البيع مساجدهم، بها من آمن بالله واليوم الآخر، وصارت المناحر مواقف لخطباء المنابر، واهتزت