والسّلاح قد أحفوه، والدّرهم قد أفنوه، وكل من يعرفهم من أهل المعرفة، ويراهم بالعين فما هم مثل من يراهم بالصّفة؛ يناشد الله المناشدة النبويّة، في الصّيحة البدرية؛ اللهم أن تهلك هذه العصابة، ويخلص الدعاء ويرجو على يد أمير المؤمنين الإجابة.
هذا والساحل قد تماسك، وما تهلك؛ وتجلّد، وما تبلّد؛ وشجّعته مواعد النّجدة الخارجة. وأسلته عن مصارع العدّة الدّارجة؛ فكيف به إذا خرج داعية الألمان، وملوك الصّلبان؛ وجموع ما وراء البحر، وحشود أجناس الكفر؟ وقد حرّم باباهم - لعنة الله عليهم وعليه - كلّ مباح واستخرج منهم كلّ مذخور، وأغلق دونهم الكنائس، ولبس وألبسهم الحداد، وحكم عليهم أن لا يزالوا كذلك أو يستخلصوا المقبرة، ويعيدوا القمامة. ({وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ وَقالَ لا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النّاسِ وَإِنِّي جارٌ لَكُمْ.})
أللهم أخفر جواره، واصرف جوره، وأخلف وعده، واكسر ضمانه، وأنكصه على عقبه، وعجّل في الدنيا والآخرة منهم تبابه. وما بدأتنا به من نعمتك فلا تقطعه، وما وهبتنا من نصرك فلا تسلبه، وما سترته من عجزنا فلا تهتكه. وفى دون ما الدّين مستقبله، وعدوّه خذله الله يؤمّله؛ ما يستفرغ عزائم الرجال، ويستنفد خزائن الأموال؛ ويوجب لإمام هذه الأمة أن يحفظ عليها قبلتها، ويزيح في قتل عدوّها علّتها؛ ولولا أنّ في التصريح، ما يعود على عدالته بالتّجريح، لقال ما يبكى العين ويبكى القلوب، وتنشقّ له المرائر وتشقّ له الجيوب، ولكنّه صابر محتسب، منتظر لنصر الله مرتقب، قائم من نفسه بما يجب؛ {رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلاّ نَفْسِي وَأَخِي،} وها هو قد هاجر