إليك هجرة يرجوها عندك مقبولة، وولدى وقد أبرزت لعدوّك صفحات وجوههم، وهان علىّ محبوبك بمكروهى فيهم ومكروههم، ونقف عند هذا الحدّ، ولله الأمر من قبل ومن بعد؛ وإن لم يشتك الدّين إلى «ناصره» والحقّ إلى من قام بأوّله وإلى اليوم الآخر يقوم بآخره؛ فإلى من يشتكى البثّ، وعند من يتفرج بالنفث؟ ومنفعة الغوث قبل العطب، والنّجاء قبل أن يصل الحزام الطّبيين، والبلاغ قبل أن يصل السيل الزّبى.
فياعصبة محمد - صلّى الله عليه وسلم - اخلفه في أمّته بما تطمئن به مضاجعه، ووفّه الحقّ فينا فإنّا وإنّ المسلمين عندك ودائعه، وما مثّل الخادم نفسه في هذا القول إلا بحالة من وقف بالباب ضارعا، وناجى بالقول صادعا؛ ولو رفعت عنه العوائق لهاجر، وشافه طبيب الإسلام بل مسيجه بالداء الذى خامر؛ ولو أمن عدوّ الله أن يقول فرّ لسافر، وبعد ففيه وإن عضّ الزمان بقية، وقبله وإن تدارأت الشّهّاد دريّة؛ فلا يزال قائما حتىّ ينصر أو يعذر، فلا يصل إلى حرم ذرّية أحمد - صلّى الله عليه وسلم - ومن ذرّية أيوب واحد يذكر.
أنجز الله لأمير المؤمنين مواعد نصره! وتمم مساعدة دهره! وأصفى موارد إحسانه! وأرسى قواعد سلطانه! وحفظه وحفظ به فهو خير حافظا، ونصره ونصر على يديه فهو أقوى ناصرا، إن شاء الله تعالى.